الجمعة، 18 سبتمبر 2020

خدمة قصص و عبر

 خدمة قصص و عبر 📜

📚 __* 🕯️ ___ 🕯️ *_____* 📚



 ((     سعيد بن الحارث    ))


قال أبو الوليد بن هشام بن يحيى الكناني : غزونا أرض الروم ، وكنا نتناوب الخدمة والحراسة ، وكان معنا رجل يقال له : ( سعيد بن الحارث ) قد أعطي حظًا من العبادة ، لا تراه إلا صائمًا ، أو قائمًا ، أو ذاكرًا لله ، أو قارئًا للقرآن ، فكنت أعاتبه على كثرة اجتهاده ، وأقول له : أرفق بنفسك ..  فكان يقول : « يا أبا الوليد ، إنما هي أنفاس تُعَدُّ ، وعمر يفنى ، وأيام تنقضي ، وما ننتظر إلى الموت » .

قال أبو الوليد : فنام سعيد بن الحارث يومًا في خباء ، وأنا في الحراسة .. فسمعت كلامًا داخل الخباء ، فدخلته .. فإذا بسعيد يتكلم في منامه ويضحك !! .. ويقول وهو نائم : « ما  أحب أن أرجع .. ما أحب أن أرجع » !! .. ثم مد يده اليمنى وكأنه يتناول شيئًا  .. ثم ردها إلى صدره ردًا رفيقًا وهو يضحك .. ثم وثب من نومه يرتعد ..  فأتيته ، واحتضنته إلى صدري وهو يلتفت يمينًا وشمالاً حتى سكن .. ثم جعل يهلل ويكبر ويحمد الله .

فقلت له : مالك يا سعيد ؟ .. ما شأنك ؟؟!!  .. وحكيت له ما رأيت من حاله في المنام .. فقال : يا أبا الوليد ، أسألك بالله أن تكتم علي ما أحدثك به ما دمت حيًا .. فأعطيته العهد ألا أخبر  بحديثه ما دام حيًا .. فقال لي : يا أبا الوليد .. رأيت في منامي هذا كأن القيامة قد قامت .. وخرج العباد من قبورهم .. شاخصة أبصارهم .. ثم أتاني رجلان لم أر مثلهما قطُّ حسنًا وكمالًا .. فقال لي : يا سعيد بن الحارث ، أبشر .. أبشر .. فقد غفر الله ذنبك ، وشكر سعيك ، وقبل منك عملك ..  فانطلق معنا حتى نريك ما أعد الله لك من النعيم المقيم .. والرضوان العظيم .

قال سعيد : فانطلقت معهما على خيل كالبرق الخاطف ، حتى أتينا إلى قصر عظيم ، لا يقع الطرف على أوله ولا آخره ولا ارتفاعه .. كأنه نور يتلألأ ..  فانفتح لنا ، فإذا فيه من الحور الحسان .. ما لا يصفه واصف .. فإذا بهن يقلن : هذا ولي الله !! .. جاء حبيب الله !! .. مرحبًا بولي الله !!

قال : فسرنا حتى انتهينا إلى مجالس ذات أسرة من ذهب ، مكللة بالجواهر ، وإذا على كل سرير جارية حسناء لا أستطيع وصفها .. وفي وسطهن حوراء عالية عليهن .. يحار في حسنها الطرف .. ووثب الجواري نحوي بالترحيب والحفاوة ، كما يصنع أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم .. فأخذنني ، وأجلسنني إلى جانب  تلك الحوراء .. وقلن لي : هذه هي زوجتك ، ولك مثلها معها !!

قال سعيد : فقلت لها : أين أنا ؟؟!!

قالت : في جنة المأوى .

قلت : من أنت ؟

قالت : أنا زوجتك الخالدة .

قلت : فأين الأخرى ؟؟!!

قالت : في قصرك الآخر .

قلت : فإني أقيم عندك الليلة .. ثم أتحول إلى تلك في غدٍ .. ومددت يدي نحوها .. فردتها إلى صدري ردًا رفيقًا .. وقالت : أما اليوم فلا .. إنك راجع إلى الدنيا ..

فقلت : ما أحب أن أرجع .. ما أحب أن أرجع!!

فقالت : لابد ، وستقيم ثلاثًا .. ثم تفطر عندنا في الثالثة إن شاء الله .

ثم قامت وتركتني .. فقمت لقيامها فزعًا مبهورًا !!

قال أبو الوليد : ويأتي اليوم الأول بعد هذه الرؤيا .. فيقوم سعيد بن  الحارث .. ويغتسل .. ويمس طيبًا .. ويصبح صائمًا .. ثم أخذ يقاتل العدو إلى  الليل .. والناس يعجبون من إقحامه نفسه في المهالك .. وفي اليوم الثاني  يصنع صنيعه بالأمس .. *حتى إذا أتى اليوم الثالث .. قام فاغتسل وتطيب وأصبح  صائمًا .. ثم شرع في القتال .. كأشجع ما يكون الرجال .. حتى إذا أوشكت الشمس للغروب .. رماه أحد الأعداء بسهم في نحره .. فسقط صريعًا إلى وجهه .

قال أبو الوليد : فأسرعت إليه ، وابتدرته .. وأنا أقول : يا سعيد ، هنيئًا  لك ما تفطر عليه الليلة !! .. يا ليتني كنت معك !! .. قال : فأوما إلي  بطرفه .. وعض شفته السفلى وهو يضحك .. يذكِّرني ما عاهدته عليه من الكتمان  .. ثم نظر إلى السماء .. وتبسم .. وهو يقول : « الحمد لله الذي صدقنا وعده »  .

فوالله ما تكلم بكلمة غيرها حتى مات .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اللهم ارزقنا حسن الخاتمة والرضا والقبول في الدنيا والآخرة برحمتك  وجَوْدِكَ يا أرحم الراحمين وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


📚 المصادر :

البداية والنهاية - أبن كثير .

الجمعة، 11 سبتمبر 2020

المتنبي

 المتنبي ولد في العراق سنة 915 ميلادية و توفي سنة 965 وعاش أجمل سنوات حياته في حلب وكتب أجمل ومعظم شعره وهو في كنف سيف الدولة الحمداني أمير دولة بني حمدان التي حكمت حلب وإنطاكيا والموصل قرابة المئة سنة

كل ما قاله المتنبي شعراً مازلنا نستخدمه منذ أكثر من ألف سنة وستظل حكمه ومقولاته شاهداً على مر الأزمان على عبقريته ونفاذ بصيرته
*هو القائل 😗
مصائبُ قومٍ عندَ قومٍ فوائدُ.
*وهو القائل 😗
على قدرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ.
*وهو القائل 😗
وكلُّ الذي فوقَ الترابِ ترابُ.
*وهو القائل 😗
ما كلُّ ما يتمنى المرءُ يدركُهُ ✰ تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفنُ
*وهو القائل 😗
لا يَسلَمُ الشرفُ الرفيعُ من الأذى ✰ حتى يُراقَ على جوانبِهِ الدَّمُ
*وهو القائل 😗
إذا أنت أكرمتَ الكريمَ ملكْتَهُ ✰ وإن أنت أكرمتَ اللئيمَ تمرَّدا
*وهو القائل 😗
أعزُّ مكانٍ في الدُّنى سـرْجُ سابِحٍ ✰ وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ
*وهو القائل 😗
ذو العقلِ يشقى في النعيـمِ بعقلهِ ✰ وأخو الجهالةِ في الشقاوةِ يَنْعَمُ
*وهو القائل 😗
فلا مجدَ في الدنيا لمن قلَّ مالُهُ ✰ ولا مالَ في الدنيا لمن قلَّ مجدُهُ
*وهو القائل 😗
خليلُكَ أنت لا مَن قلتَ خِلِّي ✰
وإن كثُرَ التجملُ والكلام
*وهو القائل 😗
ومِن العداوةِ ما ينالُكَ نفعُـهُ ✰
ومِن الصداقةِ ما يَضُرُّ ويُؤْلِمُ
*وهو القائل 😗
وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ ✰ فهي الشهادةُ لي بأني فاضلُ
*وهو القائل 😗
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهوانُ عليهِ ✰
ما لجرحٍ بمـيِّتٍ إيلامُ
*وهو القائل 😗
وإذا لم يكنْ مِن المـوتِ بـدٌّ ✰
فمن العار أن تموت جبانـا
*وهو القائل 😗
إذا غامرتَ في شرفٍ مرُومٍ ✰
فلا تقنعْ بما دون النجـومِ
فطعمُ الموتِ في أمرٍ حقـيرٍ ✰ كطعمِ الموتِ في أمرٍ عظيمِ
*وهو القائل 😗
وعَذلتُ أهلَ العشقِ حتَّى ذُقْـتُـهُ ✰ فعجِبتُ كيف يموتُ من لا يعشقُ
*وهو القائل 😗
فقرُ الجهولِ بلا قلبٍ إلى أدبِ ✰
فقرُ الحمارِ بلا رأسٍ إلى رسنِ
*وهو القائل 😗
ومرادُ النفوسِ أصغرُ من أن ✰ نتعادى فيه وأنا نتفـانـا
*وهو القائل 😗
وما الخوف إلا ما تخوفه الفتى ✰ ولا الأمن إلا ما رآ الفتى أمنا
*وهو القائل 😗
وإذا كانت النفوسُ كبـارًا ✰
تعبت في مُرادِها الأجسام
*وهو القائل 😗
إذا اعتاد الفتى خوضَ المنايا ✰ فأهونُ ما يمر به الوحول
*وهو القائل 😗
فحبُّ الجبانِ النفسَ أوردَهُ التُقى ✰ وحبُّ الشجاعِ النفسَ أوردَهُ الحربا
*وهو القائل 😗
أغايةُ الدينِ أن تَحفوا شواربكـم ✰ يا أمةً ضحكت من جهلِها الأممُ
*وهو القائل عن نفسه 😗
وما الدهرُ إلا من رواةِ قصائدي ✰ إذا قلت شِعرًا أصبح الدهرُ مُنشدا
*والقائل 😗
لا بقومي شرفتُ بل شرفوا بي ✰ وبنفسي فخرتُ لا بجدودي
*والقائل 😗
أنا الذي نظـرَ الأعمى إلى أدبي ✰ وأسـمعتْ كلماتي مَن به صممُ
ألخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي ✰ وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ
ما أبعدَ العيبَ والنقصانَ من شرفي ✰ أنا الثُّريــا وذانِ الشيبُ والهـرمُ
*والقائل 😗
ومِنْ جاهلٍ بي وهو يجهلُ جهلَهُ ✰ ويجهلُ علمي أنَّهُ بي جاهـلُ
*والقائل 😗
ليس التعللُ بالآمالِ من إربي ✰
ولا القناعةُ بالإقلالِ من شيمي

الاثنين، 7 سبتمبر 2020

يا من هواه أعزه وأذلني

        يا من هواه أعزه    وأذلني ...


      _____ 

هذه القصيدة التي منها هذا البيت مشهورة جدآ وكثيرون لا يعرفون من قائلها .. وقائلها هو : السلطان سعيد بن الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي الدوسي الزهراني 1774م

والده مؤسس دولة البوسعيدي في عُمان والشاعر هو الحاكم الثاني ومن نسله سلطان عُمان الحالي : السلطان قابوس بن سعيد سلطان سلطنة عمان : 



(وهذه أبيات من القصيدة) 



يا من هواه أعزه وأذلني

كيف السبيل إلى وصالك دلني


وتركتني حيران صباً هائماً

أرعى النجوم وأنت في نوم هني


عاهدتني أن لا تميل عن الهوى

وحلفت لي يا غصن أن لا تنثني


هب النسيم ومال غصن مثله

أين الزمان وأين ما عاهدتني


جاد الزمان وأنت ما واصلتني

يا باخلاً بالوصل أنت قتلتني


واصلتني حتى ملكت حشاشتي

ورجعت من بعد الوصال هجرتني


لما ملكت قياد سرى بالهوى

وعلمت أني عاشق لك خنتني


ولأقعدن على الطريق فاشتكى

في زي مظلوم وأنت ظلمتني


ولأشكينك عند سلطان الهوى

ليعذبنك مثل ما عذبتني


( الشاعر اشتكى بها الى السلطان وهذا ما اخبرنا به وهذا رد المقصود ) 


يا أيها السلطانُ حسبُكَ أنني

أسرعتُ لما قيل أنت طلبتني


وأتيتُ لكن ما رأيتُ بداركم

من جاءَ يشكوني فكيف دعوتني


فابعث إليهِ الآن يأتي مسرعاً

إن لم أراهُ الآن ما أنصفتني


ولتستمع مني فقلبي يشتعل

أرجوكَ قبل سماعي لاتحتجني


وإن اكتفيت او احتكمت لزعمه

فلقد ظلمتَ الحب ثم أهنتني


قل للذي مني تشاكى قائلاً

إن الهوى قد ذلهُ وأعزني


هيهات أن يعتزَ يوماً بالهوى

من بالهوى يرضى وكيفَ سيهتني


إن الهوى بالذلِ دوماً يكتسي

من يرتدي ثوبَ الهوى فسينحني


فانظر الى جسدي ووجهي ذابلا

إن لم ترى ذلاً عليه لعنتني


إن كان لايهنئ بنومٍ جسمه

أينام جسمي يا إمامُ خذلتني


قلي بربكَ هل ينامُ متيمٌ

إن كنتَ تعرفُ من ينام أجبتني 


أما الخيانةُ للعهودِ فليتهُ

لم ينطق اللفظ الذي قد هدني


أنا ما ظلمتُ ولا هجرتُ وصالهُ

بل كلما قلتُ الوصالَ يردني


وأتى الذي مني اشتكى فحضنته

وبكيتُ منهُ وقلتُ كم أبكيتني


لم ينثني غصنُ المحبةَ إنما

أنت الذي فيما ادعيتَ ذبحتني


تبت يدي إن كنتُ أبخلُ وصلكم

أحترتُ فيما تدعي حيرتني


انت الذي أخفيت في القلبِ الهوى

وكتمتَ حُبُك لي وما صارحتني 


أنا لو علِمتُ بإنَّ حُبُكَ في يدي

سأظلُ أقبضها ولو أحرقتني


واصلتكم حتى أتى اليوم الذي

غبتم وظل الحبُ في قلبي غني


فلإن دعوت عليا في جنحِ الدجى

فاللهُ حسبي منك إن هددتني


لاتحسبنَّ اللهَ يقبلُ دعوة

ممن دعاء ظُلماَ وأنت قهرتني


ولإن قعدتَ على الطريقِ لتشتكي

فلأصبرنَّ عليك إن آذيتني 


فبكى الحبيبُ وقامَ نحوي مُسرِعاً

وأتى وقبلني وراح يَظُمُني 


وقالَ اُقسم ُ بالذي فطر النوى

لن أبتسم إلا إذا سامحتني


فنظرتُ في عينيهِ بعدَ تأملِ

وعفوتُ عنهُ وقلتُ كيف فتنتني


وتكلمَ السلطانُ قال وصالكم

فرضٌ عليا وأمرهُ قد همني


لاينبغي الا الوصال وليس في

دين الهوى غير الوصال ليبتني


فكلاكما في الحبِ أظناهُ الهوى

وأنا السبيلُ إلى وصالكما الهني


​ ‏​‏​‏​​​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​​‏​‏​‏​​‏​‏​‏​‏​‌‏​‏​‏​​​‏​‏​‏​‏    ‏​‏​‏​​​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​​‏​‏​‏​​‏​‏​‏.     .☆روائع الشــــــعــر العربي☆

‏​‏​‏​​​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​​‏​‏​‏​​‏​‏​‏​‏​‌‏​‏​‏​​​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​​‏​‏​‏​​‌‏​‏​‏​​​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​​‏​‏​‏​​‏​ ‏​‏​‏​​​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​​‏​‏​‏​​‏​‏​‏​‏​‌‏​‏​‏​​​‏​‏​‌‏​‏​‏​​​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​​‏​‏​‏​​‏​‏​‏​‏​‌‏​‏​‏​​​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​​‏​‏ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأكرمُ الناس ما بين الورى رجلٌ

 قال الشافعي:


وأكرمُ الناس ما بين الورى رجلٌ

تُقضى على يدِه للناسِ حاجاتُ


لا تَقطَعنَّ يدَ المعروفِ عن أحدٍ

ما دمتَ تقدر،والأيامُ تارات


واذكُرْ فضيلةَ صُنعِ الله إذ جُعلتْ

إليك،لا لك، عند الناس حاجات


فمات قومٌ وما ماتت فضائلُهم

وعاش قومٌ، وهم في الناس أموات