الجمعة، 15 نوفمبر 2019

(ابن سيرين)

من منا لم يسمع بـ (ابن سيرين)؟
كان ابنُ سيرين من علماء التابعين، المشهورين بالفقه والورع، وشهرته بين الناس أتت من نسبة تفسير الأحلام إليه، فهو قد اشتُهر بذلك، حتى صار ينسب إليه ما قاله وما لم يقله في تفسير الأحلام.
ابن سيرين هذا قضى آخر عمره محبوسًا بسبب دين ركبه، فرفع أصحاب الدين أمره إلى القضاء فحُبس.
وكان سبب وقوعه في الدين أنه اشترى زيتًا بأربعين ألف درهم، فوجد في أحد أوعيته فأرة، فظنّ أن الفأرة كانت في المعصرة، وأنها نجّست الزيت كله، فصبَّ كلَّ الزيت، ولم يرض أن يبيع منه شيئًا، تورُّعًا.
لاحظوا: قَبِلَ خسارة ماله كلِّه، ولم يرض لنفسه أن يغشَّ الناس ويبيعهم ما يظنه حرامًا لنجاسته.
ولم يكن هذا الورع مستغربًا من ابن سيرين، فقد روي عن بكر المزني أنه قال: من أراد أن ينظر إلى أورع من أدركنا، فلينظر إلى محمد بن سيرين.
والآن انظروا الشيء العجيب الآخر، غير ورع ابن سيرين:
كان ابن سيرين يذكر عن سبب الابتلاء الذي أصابه أنه عيَّر رجلًا قبل ثلاثين سنة بالفقر، وكان يقول: أحسبني عوقبت به...
ياه ... ثلاثون سنة مرت عليه وهو متذكرٌ أنه عيَّر فلانًا بالفقر، وهو ينتظر العقوبة على هذا الذنب.
عندما سمع الزاهد أبو سليمان الداراني هذا علَّقّ عليه فقال:
قلَّت ذنوب القوم، فعرفوا من أين أُتوا، وكثرت ذنوبنا، فلم ندر من أين نؤتى.
الواحد منَّا إذا ابتُلي لا يدري ما هو الذنب الذي جرَّ عليه البلاء، لكثرة ذنوبنا، أما هم، فكانت ذنوبهم معدودة، يعرفونها ويدركون أنهم سيحاسبون عليها
نعم، الواحد منَّا إذا ابتُلي لا يدري ما هو الذنب الذي جرَّ عليه البلاء، لكثرة ذنوبنا، أما هم، فكانت ذنوبهم معدودة، يعرفونها ويدركون أنهم سيحاسبون عليها!!
ولا يظنن ظانٌّ أن ما حدث مع ابن سيرين كان لأن الله لا يحبه، بل على العكس، فإن الله إذا أحب عبدًا طهره من ذنوبه في الدنيا قبل الآخرة، وفي الحديث الحسن الذي رواه أحمد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (وَمَا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ لَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ).
نعم: قلَّت ذنوب القوم، فعرفوا من أين أُتوا.
ولابن سيرين مواقف أخرى جديرة بالتأمل فيها لاقتباس العبرة:
فقد روي عنه أنه لما حُبس، قَالَ له السجان: إذا كان الليل فاذهب إلى أهلك، فإذا أصبحت فتعال، إنها فرصة ذهبية لأي سجين، ولكن هل قَبَلَ ابن سيرين أن يستفيد من هذه الفرصة؟؟
عندما عرض السجان على ابن سيرين هذا العرض نظر إليه بعين الورع، فوجد أن السجان بفعله هذا يخون الأمانة الموكلة إليه، وابن سيرين ليس مستعدًّا ليساعده على خيانة الأمانة، حتى لو كانت الفائدة التي سيجنيها من ذلك قضاءه الليل يوميًّا بين أهله بدل السجن، ولذلك قال للسجان: لا والله، لا أعينك على خيانة السلطان.
وهذه قصة أخرى تبيّن منهج ابن سيرين في التعامل مع أحداث الحياة:
فقد ادّعى رجلٌ أن له على ابن سيرين درهمان، فأبى ابن سيرين أن يعطيه إياهما، لأن الرجل لم يكن صاحب حقّ، فقيل لابن سيرين: أتحلف؟ فقَالَ: نعم، فاستغربوا منه ذلك، يحلفُ على درهمين!؟
الأمر في نظرهم لم يكن محتاجًا أن يحلف، أما هو فقد كانت له نظرة أخرى إلى المسألة، ولذلك لما قيل له: يا أبا بكر تحلف على درهمين؟
كان جوابه: لا أطعمه حرامًا وأنا أعلم.
سبحان الله، خصمٌ معتدٍ، ويخاف عليه أن يأكل الحرام.
بهذا عطّر الله سيرتهم في الدنيا، وبهذا خلدهم التاريخ، فاستحقوا وصف (السلف الصالح).
رحم الله ابن سيرين، وسائر سلفنا الصالح، وأعاننا على سلوك منهجهم.

الاثنين، 14 أكتوبر 2019

ﺧﻮﻟﺔ ﺑﻨﺖ ﺛﻌﻠﺒﺔ

ﺧﻮﻟﺔ ﺑﻨﺖ ﺛﻌﻠﺒﺔ⚪
      ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ

ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ ﻣﻦ ﻫﻲ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻴﺔ ﺧﻮﻟﺔ ﺑﻨﺖ ﺛﻌﻠﺒﻪ
ﺧﻮﻟﺔ ﺑﻨﺖ ﺛﻌﻠﺒﺔ ﺻﺤﺎﺑﻴﺔ ﺟﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ، ﻭﺯﻭﺟﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪ ﺃﻭﺱ ﺑﻦ ﺍﻟﺼﺎﻣﺖ، ﺃﺥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺍﻟﺒﻄﻞ
ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺑﻦ ﺍﻟﺼﺎﻣﺖ، ﻭﻗﺪ ﺍﺷﺘﻬﺮﺕ ﺧﻮﻟﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﺓ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺰﻟﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻟﺔ .
ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻮﻟﺔ ﻣﻦ ﺭﺑﺎﺕ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭﺍﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ، ﻭﻋﺎﺷﺖ ﻣﻊ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺣﻴﺎﺓ ﻓﻘﻴﺮﺓ ﻣﻌﺪﻣﺔ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻌﻴﺪﺓ
ﻭﺭﺍﺿﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻗﺴﻤـﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻬﺎ، ﻭﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﺧﻮﻟﺔ ﺗﺼﻠﻲ ﺭﺍﻛﻌﺔ ﺳﺎﺟﺪﺓ، ﻭﻣﺎ ﺇﻥ ﺃﻧﻬﺖ ﺻﻼﺗﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺟﺎﺀﻫﺎ
ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺃﻭﺱ ﻣﺪﺍﻋﺒﺎً، ﻓﻨﻔﺮﺕ ﻣﻨﻪ، ﻓﺎﺣﺘﺎﺭ ﻭﺗﻤﻠّﻜﻪ ﺍﻟﻐﻀﺐ، ﻓﺤﺮّﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻤﺎ ﺣُﺮّﻣﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻣﻪ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻬﺎ
ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ:
" ﺃﻧﺖ ﻋﻠﻲّ ﻛﻈﻬﺮ ﺃﻣﻲ " ، ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺃﺷﺪ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻄﻼﻕ، ﺇﺫ ﻻ ﺭﺟﻌﺔ ﻟﻠﺰﻭﺟﺔ ﻓﻴﻪ ﺇﻟﻰ
ﺯﻭﺟﻬﺎ، ﻭﻋُﺮﻑ ﺑﺎﺳﻢ ( ﺍﻟﻈﻬﺎﺭ ) .
ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﺧﻮﻟﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺗﺄﻟّﻤﺖ ﻛﺜﻴﺮﺍً، ﻭﺫﻫﺒﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ،
ﺷﺎﻛﻴﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﻤﻴﻦ ﺯﻭﺟﻬﺎ، ﻗﺎﺋﻠﺔ ﻟﻪ:
" ﺇﻥ ﺃﻭﺳﺎً ﺗﺰﻭﺟﻨﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺷﺎﺑﺔ ﻣﺮﻏﻮﺏ ﻓﻲَّ، ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺒﺮﺕْ ﺳﻨﻲ، ﻭﻧﺜﺮﺕُ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺑﻄﻨﻲ، ﻭﻛﺜُﺮ ﻭﻟﺪﻱ،
ﺟﻌﻠﻨﻲ ﻛﺄﻣّﻪ، ﻭﻟﻲ ﻣﻨﻪ ﺻِﺒْﻴَﺔٌ ﺻﻐﺎﺭ، ﺇﻥ ﺿﻤّﻬﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﺿﺎﻋﻮﺍ، ﻭﺇﻥ ﺿﻤﻤﺘُﻬﻢ ﺇﻟﻲّ ﺟﺎﻋﻮﺍ، ﺃﻛﻞَ ﻣﺎﻟﻲ، ﻭﺃﻓﻨﻰ
ﺷﺒﺎﺑﻲ، ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﻛﺒﺮﺕْ ﺳﻨّﻲ ﻭﺍﻧﻘﻄﻊ ﻭﻟﺪﻱ، ﻇﺎﻫَﺮَ ﻣﻨﻲ "...
ﻗﺎﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ: ﻭﻟﻢ ﺗﺰﻝ ﺗﺸﺘﻜﻲ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﺑﻜﻴﺖ ﻭﺑﻜﻰ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ
ﺭﺣﻤﺔ ﻟﻬﺎ ﻭﺭﻗﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﻜﻠﻤﻪ، ﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﻮﺣﻲ، ﻭﻧﻔﺲُ ﺧﻮﻟﺔ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺨﺮﺝ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻨﺰﻝ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﻭﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻄﻼﻕ .
ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﺰﻝ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﺳُﺮّﻱَ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﺘﺴﻢ ﻭﻗﺎﻝ:
" ﻳﺎ ﺧﻮﻟﺔ ! ﻗﺎﻟﺖ: ﻟﺒﻴﻚ، ﻭﻧﻬﻀﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﻔﺮﺡ، ﻓﺘﺒﺴّﻢ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﻓﻴﻚ ﻭﻓﻴﻪ، -ﺃﻱ ﺯﻭﺟﻬﺎ - ﺛﻢ ﺗﻼ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
ﻗَﺪْ ﺳَﻤِﻊَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻗَﻮْﻝَ ﺍﻟَّﺘِﻲ ﺗُﺠَﺎﺩِﻟُﻚَ ﻓِﻲ ﺯَﻭْﺟِﻬَﺎ ﻭَﺗَﺸْﺘَﻜِﻲ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻳَﺴْﻤَﻊُ ﺗَﺤَﺎﻭُﺭَﻛُﻤَﺎ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺳَﻤِﻴﻊٌ ﺑَﺼِﻴﺮٌ *
ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳُﻈَﺎﻫِﺮُﻭﻥَ ﻣِﻨْﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﻧِﺴَﺎﺋِﻬِﻢْ ﻣَﺎ ﻫُﻦَّ ﺃُﻣَّﻬَﺎﺗِﻬِﻢْ ﺇِﻥْ ﺃُﻣَّﻬَﺎﺗُﻬُﻢْ ﺇِﻻ ﺍﻟﻼﺋِﻲ ﻭَﻟَﺪْﻧَﻬُﻢْ ﻭَﺇِﻧَّﻬُﻢْ ﻟَﻴَﻘُﻮﻟُﻮﻥَ ﻣُﻨْﻜَﺮًﺍ ﻣِﻦَ
ﺍﻟْﻘَﻮْﻝِ ﻭَﺯُﻭﺭًﺍ ﻭَﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻟَﻌَﻔُﻮٌّ ﻏَﻔُﻮﺭٌ * ﻭَﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳُﻈَﺎﻫِﺮُﻭﻥَ ﻣِﻦْ ﻧِﺴَﺎﺋِﻬِﻢْ ﺛُﻢَّ ﻳَﻌُﻮﺩُﻭﻥَ ﻟِﻤَﺎ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻓَﺘَﺤْﺮِﻳﺮُ ﺭَﻗَﺒَﺔٍ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻞِ
ﺃَﻥْ ﻳَﺘَﻤَﺎﺳَّﺎ ﺫَﻟِﻜُﻢْ ﺗُﻮﻋَﻈُﻮﻥَ ﺑِﻪِ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﺑِﻤَﺎ ﺗَﻌْﻤَﻠُﻮﻥَ ﺧَﺒِﻴﺮٌ * ﻓَﻤَﻦْ ﻟَﻢْ ﻳَﺠِﺪْ ﻓَﺼِﻴَﺎﻡُ ﺷَﻬْﺮَﻳْﻦِ ﻣُﺘَﺘَﺎﺑِﻌَﻴْﻦِ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻞِ ﺃَﻥْ
ﻳَﺘَﻤَﺎﺳَّﺎ ﻓَﻤَﻦْ ﻟَﻢْ ﻳَﺴْﺘَﻄِﻊْ ﻓَﺈِﻃْﻌَﺎﻡُ ﺳِﺘِّﻴﻦَ ﻣِﺴْﻜِﻴﻨًﺎ ﺫَﻟِﻚَ ﻟِﺘُﺆْﻣِﻨُﻮﺍ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟِﻪِ ﻭَﺗِﻠْﻚَ ﺣُﺪُﻭﺩُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻟِﻠْﻜَﺎﻓِﺮِﻳﻦَ ﻋَﺬَﺍﺏٌ
ﺃَﻟِﻴﻢٌ (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻟﺔ –1 4 ) .
ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﻣُﺮﻳﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻖ ﺭﻗﺒﺔ .
ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﻭﺃﻱ ﺭﻗﺒﺔ؟ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻳﺠﺪ ﺭﻗﺒﺔ ﻭﻣﺎ ﻟﻪ ﺧﺎﺩﻡ ﻏﻴﺮﻱ .
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ: ﻣُﺮﻳﻪ ﻓﻠﻴﺼﻢ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﻴﻦ .
ﻓﻘﺎﻟﺖ:
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺸﺮﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻣﺮﺓ، ﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺑﺼﺮﻩ ﻣﻊ
ﺿﻌﻒ ﺑﺪﻧﻪ .
ﻗﺎﻝ: ﻣُﺮﻳﻪ ﻓﻠﻴﻄﻌﻢ ﺳﺘﻴﻦ ﻣﺴﻜﻴﻨﺎً ﻭَﺳْﻘﺎً ﻣﻦ ﺗﻤﺮ .
ﻗﺎﻟﺖ: ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺫﺍﻙ ﻋﻨﺪﻩ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
ﻓﺈﻧّﺎ ﺳﻨﻌﻴﻨﻪ ﺑﻌﺮﻕ ﻣﻦ ﺗﻤﺮ .
ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﻭﺃﻧﺎ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺳﺄﻋﻴﻨﻪ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﺮﻕ ﺁﺧﺮ .
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
" ﺃﺣﺴﻨﺖِ ﻭﺃﺻﺒﺖِ ﻓﺎﺫﻫﺒﻲ ﻭﺗﺼﺪَّﻗﻲ ﻋﻨﻪ، ﻭﺍﺳﺘﻮﺻﻲ ﺑﺎﺑﻦ ﻋﻤﻚ ﺧﻴﺮﺍً .
ﻗﺎﻟﺖ: ﻓﻌﻠﺖ ."
ﻭﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺧﺎﺭﺟﺎً ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺃﻳﺎﻡ ﺧﻼﻓﺘﻪ ﺍﺳﺘﻮﻗﻔﺘﻪ ﺧﻮﻟﺔ ﻃﻮﻳﻼً
ﻭﻭﻋﻈﺘﻪ ﻗﺎﺋﻠﺔ ﻟﻪ:
- ﻳﺎ ﻋﻤﺮ، ﻛﻨﺖ ﺗﺪﻋﻰ ﻋُﻤَﻴْﺮﺍً، ﺛﻢ ﻗﻴﻞ ﻟﻚ ﻋﻤﺮ، ﺛﻢ ﻗﻴﻞ ﻟﻚ ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ .. ﻓﺎﺗّﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﻋﻤﺮ .. ﻓﺈﻥ ﻣﻦ
ﺃﻳﻘﻦ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﺧﺎﻑ ﺍﻟﻔﻮﺕ، ﻭﻣﻦ ﺃﻳﻘﻦ ﺑﺎﻟﺤﺴﺎﺏ ﺧﺎﻑ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ..
ﻭﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﺍﻗﻒ ﻳﺴﻤﻊ ﻛﻼﻣﻬﺎ ﺑﺨﺸﻮﻉ، ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ :
- ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﺃﺗﻘﻒ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻛﻠﻪ؟ !
ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ :
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻮ ﺣﺒﺴﺘﻨﻲ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮﻩ ﻣﺎ ﺯﻟﺖ " ﺇﻻ ﻟﻠﺼﻼﺓ ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ."
ﺛﻢ ﺳﺄﻟﻬﻢ: ﺃﺗﺪﺭﻭﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ؟
ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻻ .
ﻗﺎﻝ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ:
- ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺳﻤﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﻮﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﻮﻕ ﺳﺒﻊ ﺳﻤﺎﻭﺍﺕ .. ﺃﻓﻴﺴﻤﻊ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻗﻮﻟﻬﺎ ﻭﻻ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻋﻤﺮ؟"!!
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﻪ ﻭﺃﺭﺿﺎﻩ ﻭﺃﺭﺿﺎﻫﺎ . ،،،
ﻫﺬه القصة هي التي تستحق ﺍﻥ ﻳﻘﺎﻝ عنها ﻣﻦ ﺍﺭﻭﻉ ﻣﺎ ﻗﺮﺃﺕ ...
ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ....

(ﻣﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻟﺔ ﻟﻠﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ)..!!!!

🌷....وصلى الله وسلم وبارك على حبيبنا محمد....🌷

🌺ودمتم في حفظ ألله ورعايته🌺

صبر ايوب

صبر ايوب؟
3 دقايق من وقتك:
أيوب عليه السلام: أتاه الله سبعة من البنين
و مثلهم من البنات و اتاه الله المال و الأصحاب وأراد الله أن يبتليه ليكون اختبارا له و قدوة
لغيره من الناس!
فخسر تجارته و مات أولاده و ابتلاه الله بمرض شديد حتى اقعده و نفر الناس منه حتى رموه خارج مدينتهم خوفا من مرضه ولم يبقى معه إلا
زوجته تخدمه حتى وصل بها الحال أن تعمل عند الناس لتجد ماتسد به حاجتها و حاجة زوجها!
واستمر ايوب في البلاء ثمانية عشر عام و هو
صابر و لا يشتكي لأحد حتى زوجته .. و لما
وصل بهم الحال الى ماوصل قالت له زوجته
يوما لو دعوت الله ليفرج عنك،
فقال: كم لبثنا بالرخاء؟
قالت: 80: سنة،
قال: اني استحي من الله لأني مامكثت في
بلائي المدة التي لبثتها في رخائي،
و بعد أيام .. خاف الناس أن تنقل لهم عدوى زوجها فلم تعد تجد من تعمل لديه، فقصت بعض شعرها وباعت ظفيرتها لكي تآكل هي
و زوجها و سألها من أين لكي هذا ولم تجبه ..
و في اليوم التالي باعت ظفيرتها الأخرى
و تعجب منها زوجها وألح عليها فكشفت عن رأسها، فنادى ربه نداء تأن له القلوب ..
استحى من الله أن يطلبه الشفاء و أن يرفع عنه البلاء فقال كما جاء في القرآن الكريم:
"ربي اني مسني الضر و انت أرحم الراحمين"
فجاء الأمر من من بيده الأمر:
"أركض برجلك هذا مغتسل بارد و شراب"
فقام صحيحا و رجعت له صحته كما كانت
فجاءت زوجته ولم تعرفه،
فقالت: هل رأيت المريض الذي كان هنا؟
فوالله مارايت رجلا أشبه به إلا انت عندما
كان صحيحا؟
فقال: أما عرفتني!
فقالت: من انت؟
قال: أنا ايوب،
يقول ابن عباس: لم يكرمه الله هو فقط بل
أكرم زوجته أيضا التي صبرت معه اثناء هذا
الابتلاء!
فرجعها الله شابة و ولدت لإيوب عليه السلام ستة و عشرون ولد من غير الإناث
يقول سبحانه: "واتيناه أهله و مثلهم
معهم "
العبرة: كلما فاض حملك تذكر صبر أيوب و أعلم أن صبرك نقطة من بحر أيوب

هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب ؟

تقع الجامعة الإسلامية العبرية في " وسط تل أبيب » كجزء من كلية اللغة العربية في جامعة تل أبيب ...
- وهي مبنى ضخم  لتعليم العلوم الإسلامية ، كالقرآن والحديث والفقه والسيرة والمعاملات والتاريخ واللغة العربية، إلى آخر المواضيع الدينية والسلوك التي يحتاجها المسلم في حياته اليومية  …
- الطلاب فيها كلهم من  اليهود .. "اليهود فقط " أي أن الجامعة مخصصة فقط للطلاب اليهود لدراسة الدين الإسلامي والتخصص في كل متطلباته العلمية وشؤونه الدينية والدنيوية  …»
- هؤلاء الطلاب هم جزء من مجموعات عديدة يتم إرسالهم إلى العالم ، أو يأخذون أماكنهم على بعض الفضائيات المستأجرة ، في العالم العربي والإسلامي ، فمنهم الشيخ ، ومنهم  الإمام ، ومنهم المفتي ومنهم الداعية ومنهم القاضي ومنهم المدرّس في المدرسة أو  الجامعة…
- يرسلونهم ويزرعونهم في كل مكان يحتاجونهم فيه ، يعلّمونهم لهجات أهل البلاد ، وعاداتهم وتقاليدهم ، إيجابياتهم وسلبياتهم ، ثم يغدقوا عليهم بالمال  ليكسبوا ثقة سكان تلك البلاد ويتقربوا إليهم أكثر ، ليحققوا من خلالهم غاياتهم بالفتن والدس  والتخريب الممنهج ...
- لدى هؤلاء الخريجون  قدرات علمية  فائقة ، لكسب مودة الناس من جهة  ولتشويه العقيدة الإسلامية ، ودس الفرقة بين الأديان  والمذاهب ، وغسل العقول  من جهة أخرى ، وخاصة  الجيل الصاعد من الشباب ، حيث يكون الشاب متلقي ومتحمس لأي فكرة تصنع منه بطلاً ، وأكثر مايكون التركيز في القرى التي ينتشر فيها الفقر والجهل والتظلم من أبناء المدن »
-  يحسنون اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب ، للظروف المناسبة ،  ويهيئون الأجواء المثالية لنجاحه وإبداعه وحمايته من كل ضرر وسوء »
- الذي إسمه يوشيه يصبح إسمه يوسف، ثم يكنى فيقال : الشيخ يوسف المغربي أو يوسف  الجزراوي  …. إلخ  من تلك التسميات المُبهمة، فكيف تبحث وتتأكد من شخصية  أبو " فلان التونسي " وهو أمير من الأمراء في بلاد الشام يأمر وينهي ويشرع ويفتي ..
 - من أمره أو شيخه أو وَلَّاه !!
وكيف قَبَل أهل تلك البلاد أن يكون أميراً عليهم ، يستحيي نساءهم ويفجر أطفالهم ،  وينهب ثروات بلادهم   !! 
- والذي اسمه موشيه يصبح سماحة العلامة موسى النحاس ، أو الحداد أو النجار  ..  حيث ينسبونه إلى مهنة أو صنعة فلا يستطيع أحد إرجاع نسبه إلى عشيرة معروفة في هذا  البلد أو عائلة مشهورة في تلك  الدولة ..
 وتستمر الحكاية في من  إسمه  ديفيد يصبح داوود والذي إسمه مگرين يصبح مقرن ، وهكذا ..
- أرجوا منكم أن تتذكروا  " #توماسإدواردلورنس "  الضابط البريطاني الذي  اشتهر بدوره في مساعدة القوات العربية خلال الثورة العربية عام 1916م ضد الدولة العثمانية ، عن طريق انخراطه في حياة العرب الثوار ، وعرف وقتها بلورنس العرب، وقد صُور عن حياته فيلم شهير حمل اسم لورنس العرب عام 1962م .
- تستطيع أن ترجع وتقرأ مذكرات " #مسترهمفر " أو #إعترافاتجاسوسبريطاني "  وهي وثائقية ثُنسب إ #هاريسانتجونبريدجرفيلبي ‏، ويعرف أيضاً باسم "#جونفيلبي" أو " #الشيخ_عبدالله"، هو مستعرب، مستكشف ، كاتب، وضابط استخبارات بمكتب المستعمرات البريطاني. لعب دوراً محورياً في إزاحة العثمانيين عن المشرق العربي خاصة عن شبه الجزيرة العربية والعراق والشام ليصبح مفتي الديار الحجازية ..
 وهو أول أوربي يقطع صحراء الربع الخالي من شرقها إلى غربها !! 
وهناك الكثير ..الكثير ممّن لعبوا  ويلعبون أدواراً خطيرة تدس سماً وإرهاباً وتشويهاً وتخريباً وتمزيقاً وفتناً وتفريق  ، عن طريق اختراقها لذلك الحزب أو التنظيم  أو التصدر لتلك العشيرة أو القبيلة أو ذلك  المركز التعليمي ، الحساس والمهم   ..
- أستذكر من  التاريخ الإسلامي   " #شاسبنقيس"  حيث كان حاخاماً  يهودياً  قد طغا  في الكفر والحقد والعداوة للإسلام والمسلمين، وهو من يهود المدينة الذين استطاعوا أن يكون لهم نفوذ وثروة  كبيرة  بسبب تجارة السلاح بين قطبي المدينة وتفريقهما ، وزرع الفتن بينهما وهما  (الأوس والخزرج) .
- »المصيبة في كل الحروب الدائرة في المنطقة العربية ، تلك المناطق التي يسيطر عليها الأغبياء والجهلاء والمخدوعين ،  تأتيهم الأوامر من قادة وأمراء وولاة أمور ، يُكنون بأسماء مدن وقرى .. ولاتعرف من هُم  وأين يُقيمون بل وحتى أبوهم من يكون !!

السبت، 21 سبتمبر 2019

متل الحسين

مقتل الحسين بقلم العلامة ابن باز رحمه الله‏"
 بيان جدير بالقراءة
بسم الله الرحمن الرحيم

قصة مقتل الحسين

حفيد المصطفى صلى الله عليه وسلم

للعلامة الشيخ  / عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى

كثر الكلام حول مقتل الشهيد السعيد السيد السبط الحسين بن علي واختلفت القصص في ذلك ، ونورد في هذه الرسالة القصة الحقيقية لمقتل الحسين - رضي الله عنه – ، ولكن قبل ذلك نذكر توطئة مهمة لا بد من معرفتها .

"توطئة "

قال الحافظ ابن كثير : فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل الحسين رضي الله عنه، فانه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة وابن بنت رسول الله التي هي أفضل بناته، وقد كان عابداً وسخياً، ولكن لا يحسن ما يفعله الناس من إظهار الجزع والحزن الذي لعل أكثره تصنع ورياء، وقد كان أبوه أفضل منه فقتل، وهم لا يتخذون مقتله مأتماً كيوم مقتل الحسين، فان أباه قتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين، وكذلك عثمان كان أفضل من علي عند أهل السنة والجماعة، وقد قتل وهو محصور في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذبح من الوريد إلى الوريد، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك عمر بن الخطاب وهو أفضل من عثمان وعلي، قتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك الصديق كان أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتماً، ورسول الله سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وقد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، ولم يتخذ أحدٌ يوم موتهم مأتماً، ولا ذكر أحد أنه ظهر يوم موتهم وقبلهم شيء مما ادعاه هؤلاء يوم مقتل الحسين من الأمور المتقدمة، مثل كسوف الشمس والحمرة التي تطلع في السماء وغير ذلك .

"مقتل الحسين"

بلغ أهل العراق أن الحسين لم يبايع يزيد بن معاوية وذلك سنة 60هـ فأرسلوا إليه الرسل والكتب يدعونه فيها إلى البيعة، وذلك أنهم لا يريدون يزيد ولا أباه ولا عثمان ولا عمر ولا أبا بكر ، انهم لا يريدون إلا عليا وأولاده ، وبلغت الكتب التي وصلت إلى الحسين أكثر من خمسمائة كتاب .

عند ذلك أرسل الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل ليتقصى الأمور ويتعرف على حقيقة البيعة وجليتها، فلما وصل مسلم إلى الكوفة تيقن أن الناس يريدون الحسين ، فبايعه الناس على بيعة الحسين وذلك في دار هانئ بن عروة ، ولما بلغ الأمر يزيد بن معاوية في الشام أرسل إلى عبيد الله بن زياد والي البصرة ليعالج هذه القضية ، ويمنع أهل الكوفة من الخروج عليه مع الحسين ولم يأمره بقتل الحسين ، فدخل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة ، وأخذ يتحرى الأمر ويسأل حتى علم أن دار هانئ بن عروة هي مقر مسلم بن عقيل وفيها تتم المبايعة .
   

فخرج مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وحاصر قصره بأربعة آلاف من مؤيديه ، وذلك في الظهيرة . فقام فيهم عبيد الله بن زياد وخوفهم بجيش الشام ورغبهم ورهبهم فصاروا ينصرفون عنه حتى لم يبق معه إلا ثلاثون رجلاً فقط . وما غابت الشمس إلا ومسلم بن عقيل وحده ليس معه أحد. فقبض عليه وأمر عبيد الله بن زياد بقتله فطلب منه مسلم أن يرسل رسالة إلى الحسين فأذن له عبيد الله ،وهذا نص رسالته : ارجع بأهلك ولا يغرنّك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي .

ثم أمر عبيد الله بقتل مسلم بن عقيل وذلك في يوم عرفة ، وكان مسلم بن عقيل قبل ذلك قد أرسل إلى الحسين أن اقدم ، فخرج الحسين من مكة يوم التروية وحاول منعه كثير من الصحابة ونصحوه بعدم الخروج مثل ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وابن عمرو وأخيه محمد بن الحنفية وغيرهم. وهذا ابن عمر يقول للحسين : ( إني محدثك حديثا : إن جبريل أتى النبي فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا ، وإنك بضعة منه ، والله لا يليها أحد منكم أبداً وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم ، فأبى أن يرجع ، فاعتنقه وبكى وقال : استودعك الله من قتيل ) ، وروى سفيان بسند صحيح عن ابن عباس أنه قال للحسين في ذلك : ( لولا أن يزري -يعيبني ويعيرني- بي وبك الناس لشبثت يدي من رأسك، فلم أتركك تذهب ) .وقال عبد الله بن الزبير له : ( أين تذهب؟ إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟) وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : (عجّل الحسين قدره، والله لو أدركته ما تركته يخرج إلا أن يغلبني ). ( رواه يحيى بن معين بسند صحيح ( .

وجاء الحسين خبر مسلم بن عقيل عن طريق الذي أرسله مسلم ، فانطلق الحسين يسير نحو طريق الشام نحو يزيد، فلقيته الخيول بكربلاء بقيادة عمرو بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وحصين بن تميم فنزل يناشدهم الله والإسلام أن يختاروا إحدى ثلاث : أن يسيِّروه إلى أمير المؤمنين (يزيد) فيضع يده في يده (لأنه يعلم أنه لا يحب قتله) أو أن ينصرف من حيث جاء (إلى المدينة) أو يلحق بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله. (رواه ابن جرير من طريق حسن) . فقالوا: لا، إلا على حكم عبيد الله بن زياد. فلما سمع الحر بن يزيد ذلك (وهو أحد قادة ابن زياد ) قال : ألا تقبلوا من هؤلاء ما يعرضون عليكم ؟والله لو سألكم هذا الترك والديلم ما حلَّ لكم أن تردوه. فأبوا إلا على حكم ابن زياد. فصرف الحر وجه فرسه، وانطلق إلى الحسين وأصحابه، فظنوا أنه إنما جاء ليقاتلهم، فلما دنا منهم قلب ترسه وسلّم عليهم، ثم كرّ على أصحاب ابن زياد فقاتلهم، فقتل منهم رجلين ثم قتل رحمة الله عليه (ابن جرير بسند حسن ( .

ولا شك أن المعركة كانت غير متكافئة من حيث العدد، فقتل أصحاب الحسين (رضي الله عنه وعنهم) كلهم بين يديه يدافعون عنه حتى بقي وحده وكان كالأسد، ولكنها الكثرة ،وكان كل واحد من جيش الكوفة يتمنىَّ لو غيره كفاه قتل الحسين حتى لا يبتلي بدمه (رضي الله عنه)، حتى قام رجل خبيث يقال له شمر بن ذي الجوشن فرمى الحسين برمحه فأسقطه أرضاً فاجتمعوا عليه وقتلوه شهيداً سعيداً . ويقال أن شمر بن ذي الجوشن هو الذي اجتز رأس الحسين وقيل سنان بن أنس النخعي والله أعلم .

وأما قصة منع الماء وأنه مات عطشاناً وغير ذلك من الزيادات التي إنما تذكر لدغدغة المشاعر فلا يثبت منها شيء. وما ثبت يغني . ولا شك أنها قصة محزنة مؤلمة، وخاب وخسر من شارك في قتل الحسين ومن معه وباء بغضب من ربه . وللشهيد السعيد ومن معه الرحمة والرضوان من الله ومنا الدعاء و الترضي .

"من قتل مع الحسين في كربلاء" !!

من أولاد علي بن أبي طالب : أبو بكر – محمد – عثمان – جعفر – العباس .
من أولاد الحسين : أبو بكر – عمر – عثمان – علي الأكبر – عبد الله .
من أولاد الحسن : أبو بكر – عمر – عبد الله – القاسم .
من أولاد عقيل : جعفر – عبد الله – عبد الرحمن – عبد الله بن مسلم بن عقيل .
من أولاد عبد الله بن جعفر : عون – محمد
وأضف إليهم الحسين ومسلم بن عقيل (رضي الله عنهم أجمعين (

و أما ما روي من أن السماء صارت تمطر دما، أو أن الجدر كان يكون عليها الدم ، أو ما يرفع حجر إلا و يوجد تحته دم ، أو ما يذبحون جزوراً إلا صار كله دماً فهذه كلها أكاذيب تذكر لإثارة العواطف ليس لها أسانيد صحيحة .

"حكم خروج الحسين"

لم يكن في خروج الحسين رضي الله عنه مصلحة ولذلك نهاه كثير من الصحابة وحاولوا منعه ولكنه لم يرجع ، و بهذا الخروج نال أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله حتى قتلوه مظلوماً شهيداً . وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده ، ولكنه أمر الله تبارك وتعالى وما قدره الله كان ولو لم يشأ الناس. وقتل الحسين ليس هو بأعظم من قتل الأنبياء وقد قُدّم رأس يحيى عليه السلام مهراً لبغي وقتل زكريا عليه السلام، وكثير من الأنبياء قتلوا كما قال تعالى : "قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين" آل عمران 183 . وكذلك قتل عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين .

"موقف يزيد من قتل الحسين"

لم يكن ليزيد يد في قتل الحسين ولا نقول هذا دفاعاً عن يزيد ولكن دفاعاً عن الحق. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " إن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل ، ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق، ولما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك، وظهر البكاء في داره ولم يسب لهم حريماً بل أكرم بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلادهم، وأما الروايات التي تقول إنه أهين نساء آل بيت رسول لله وأنهن أخذن إلى الشام مسبيات وأُهِنّ هناك هذا كلام باطل بل كان بنو أمية يعظمون بني هاشم...

هل يغضب النحل لو أنتج الذباب عسلا ؟!

هل يغضب النحل لو أنتج الذباب عسلا ؟!
 كلا .. و لكن الذباب لم و لن ينتج العسل
إن النحل والذباب يجمعهما تصنيف علمي واحد هو ( صنف الحشرات) 
ولكن الفرق بينهما أن ( النحل) قد تلقى وحيا" وتعاليم من السماء (وأوحى ربك إلى النحل) النحل 68-
 وعندماالتزم بهذه التعاليم ونفذها أصبح النحل يأكل أفضل ما في الطبيعة ( رحيق الازهار)  ثم يعطي أفضل الأطعمة ( العسل) ضمن نظام مترابط و متماسك و منظم (فمن الملكة إلى الحضانات إلى الجند الذين يحرسون الخلية  إلى العاملات التي تصنع محاضن العسل إلى  النحل الذي يجمع العسل ...إلخ)
كما أنه يعيش في مجتمعات متعاونة يؤدي كل دوره فيها بصمت وتفان في العمل وضمن بيئة نظيفة. أما الذباب فلم يتلق تعاليم سماوية فبقي يأكل أقذر ما في الطبيعة ويعيش  في البيئة القذرة ولا يعطي إلا الأمراض وإزعاج الناس  ويعيش الذباب في مجتمع مفكك ليس بينه أي رابطة ،  تتصرف فيه كل ذبابة لوحدها .‏ والنحل( يعطي) العسل الذي فيه الشفاء (فيه شفاء للناس) النحل 69  بينما الذباب يقوم بالنهب والسلب ( يسلب) بشكل مزعج
 (وإن يسلبهم الذباب شيئا) الحج 73.‏ .
وفي ذلك عبرة للناس فالإنسان الذي يلتزم بتعاليم الله  هو إنسان أشبه ما يكون ( بالنحلة) التي تعطي دوما بلا كلل ولا ملل.
أما المتمرد الفوضوي المزعج المستغل فتنطبق عليه حياة الذبابة .فنختار لأنفسنا في أي مجتمع نريد أن نعيش :
مجتمع النحل أم الذباب. ؟!!!⁉

عند موتي لن اقلق

وفي الكاتب الكويتي عبدالله الجار الله رحمه الله

صاحب مقالة  :

عند موتي لن اقلق 
ولن اهتم  بجسدي البالي
 فإخواني من المسلمين سيقومون باللازم وهو:

1- يجردونني من ملابسي...
2- يغسلونني...
3- يكفنونني ...
4- يخرجونني من بيتي ...
   5- يذهبون بي لمسكني الجديد ( القبر ) ...
6- وسيأتي الكثيرون لتشييع جنازتي...
 بل سيلغي الكثير منهم أعماله ومواعيده  لأجل دفني ...

 وقد يكون الكثير منهم لم يفكر في نصيحتي يوما من الأيام ...
ً
7- أشيائي سيتم التخلص منها ...
مفاتيحي ...
كتبي ...
حقيبتي ...
أحذيتي ...
ملابسي وهكذا...

 وإن كان أهلي موفقين فسوف يتصدقون بها لتنفعني ...

تأكدوا بأن الدنيا لن تحزن علي...
  ولن تتوقف حركة العالم  ...
واﻻقتصاد سيستمر ...
ووظيفتي سيأتي 
 غيري ليقوم بها  ...
وأموالي ستذهب حلالاً للورثة ...
بينما أنا  الذي سأحاسب عليها !!!
 القليل والكثير ...النقير والقطمير ... 

و إن أول ما يسقط مني عند موتي هو اسمي !!!
لذلك عندما اموت سيقولون  عني أين " الجثة "..؟
ولن ينادوني باسمي ..!
وعندما يريدون الصلاة علي سيقولون احضروا "الجنازة" !!!  
ولن ينادوني باسمي ..!
وعندما يشرعون بدفني سيقولون قربوا الميت ولن يذكروا اسمي  ..!

لذلك لن يغرني نسبي ولا قبيلتي ولن يغرني منصبي ولا شهرتي ...
فما أتفه هذه الدنيا وما أعظم ما نحن مقبلون عليه ...

 فيا ايها الحي الآن  ... اعلم ان الحزن عليك سيكون على  ثلاثة أنواع:

1- الناس الذين يعرفونك سطحياً سيقولون مسكين
2- أصدقاؤك سيحزنون ساعات أو أياماً ثم يعودون إلى  حديثهم بل وضحكهم 

3- الحزن العميق في البيت
سيحزن أهلك أسبوعا... أسبوعين شهرا... شهرين أو حتى سنة
وبعدها سيضعونك في أرشيف الذكريات!!!

انتهت قصتك بين الناس
وبدأت قصتك الحقيقيه وهي الآخرة 

 لقد زال عنك:
1- الجمال ...
2- والمال ...
3- والصحة ...
4- والولد ...
5- فارقت الدور...والقصور
6- والزوج ...
ولم يبق معك الا عملك
وبدأت الحياة الحقيقية 

والسؤال هنا :
ماذا أعددت لقبرك وآخرتك من الآن ؟؟؟
هذه حقيقة تحتاج الى تأمل ... 

لذلك احرص على :
1- الفرائض ...
2- النوافل ...
3- صدقة السر ...
 4- عمل صالح ...
5- صلاة الليل...
لعلك تنجو

 ان ساعدت على تذكير الناس بهذه المقالة وانت حي الآن
ستجد أثر تذكيرك في ميزانك يوم القيامة بإذن الله...

 (وذكّر فإن الذكرى تنفعُ المؤمنين)  

لماذا يختار الميت 
“الصدقة”لو رجع للدنيا 

كما قال تعالى
( رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق)

ولم يقل : 
  لأعتمر
 او لأصلي
 أو لأصوم 

قال العلماء : 
ما ذكر الميت الصدقة إلا لعظيم ما رأى من اثرها بعد موته

فأكثرو من الصدقة

الاصدقاء

قال الفضيل بن عياض رحمه الله :

رأيت نفسي تأنس بخلطاء تسميهم أصدقاء ، فبحثت التجارب ، فإذا أكثرهم حُسّاد على النعم ،

لا يستـرون زلّة ،

ولا يعرفون لجليس حقا ،

ولا يواسون من مالهم صديقا ،

فتأمّلت الأمر ،

فإذا أكثرهم حسّاد على النعم ،

فإذا الحق - سبحانه - يغار على قلب المؤمن أن يجعل به شيئا يأنس به ، فهو يكدر الدنيا وأهلها ليكون أنسه به

فينبغي أن تعد الخلق كلهم معارف ،

ولا تظهر سرك لمخلوق منهم ،

ولا تعدّن فيهم من لا يصلح لشدة ،

بل عاملهم بالظاهر ،

ولا تخالطهم إلا حالة الضرورة ،

وبالتوقي لحظة ،

ثم انفر عنهم ، وأقبل على شأنك ، متوكلا على خالقك

فإنه لا يجلب الخير سواه ،

ولا يصرف السوء إلا إيّاه •••

  📘{ الآداب الشرعية 3| 582 }

من أقوال السلف رحمهم الله تعالى

من أقوال السلف رحمهم الله تعالى


الفائدة ( 1 )


 ضرب رجلٌ أحد الصالحين فشجَّ رأسه، قال: فسألت الله له الجنة. قيل: كيف وقد ظلمك، فقال: علمت أنني أؤجر على ما نالني منه فلم أرد أن يكون نصيبي منه الخير ونصيبه مني الشر.

[إحياء علوم الدين 1/933]

الفائدة ( 2 )


 عن محمد بن أبي القاسم رحمه الله قال: وعظ عابد جبارًا فأمر به فقطعت يداه ورجلاه، وحمل إلى متعبَّده، فجاء إخوانه يعزونه، فقال: لا تعزوني ولكن هنئوني بما ساق الله إلي. ثم قال: إلهي أصبحت في منزلة الرغائب، أنظر إلى العجائب. إلهي أنت تتودد بنعمك إلى من يؤذيك، فكيف توددك إلى من يؤذى فيك.


 [الحلية (تهذيبه) 3 / 295]


الفائدة ( 3 )

 
  عن إبراهيم بن الوليد قال: دخلت على إبراهيم المغربي رحمه الله، وقد رفسته بغلة فكسرت رجله فقال: لولا مصائب الدنيا لقدمنا على الله مفاليس.

 [الحلية (تهذيبه) 3 / 316]


  الفائدة ( 4 )


 قال أبو العباس بن عطاء رحمه الله: القلب إذا اشتاق إلى الجنة أسرعت إليه هدايا الجنة، وهي المكروه لأن المكاره هدايا الجنة إلى أبدان الصادقين.

[الحلية (تهذيبه) 3 / 401]

 
الفائدة ( 5 )


  عن ابن سيرين قال: قيل لسعد بن أبي وقاص رضى الله عنه: ألا تقاتل فإنك من أهل الشورى، وأنت أحق بهذا الأمر من غيرك؟ فقال: لا أقاتل حتى تأتوني بسيف له عينان ولسان وشفتان، يعرف المؤمن من الكافر، فقد جاهدت وأنا أعرف الجهاد.

[الحلية (تهذيبه) 1 / 95]

 
الفائدة ( 6 )


  عن حذيفة رضي الله عنه. قال: إياكم والفتن، لا يشخص إليها أحد، فوالله ما شخص فيها أحد إلا نسفته، كما ينسف السيل الدمن، إنها مشبهة مقبلة، حتى يقول الجاهل: هذه تشبه، وتبين مدبرة. فإذا رأيتموها فاجثموا في بيوتكم، وكسروا سيوفكم، وقطعوا أوتاركم.

 [الحلية  (تهذيبه) 1 / 205]

ديموقراطياً

ديموقراطياً:
كان على لوط -عليه السلام- قبول رذيلتهم، كونهم يشكلون أغلبية المجتمع..!

ليبرالياً:
لا يحق للوط -عليه السلام- أن ينهاهم عن رذيلتهم، فهم أحرار في قراراتهم، خاصة أنهم لم يضروا أحداً..!

علمانياً:
ما دخل الدين في ممارساتٍ جنسيةٍ تتم برضى الطرفين؟!! 

تنويرياً:
قوم لوط مساكين، ومعذورون، كونهم يعانون من خللٍ جينيٍّ أجبرهم [طبعياً] على ممارسة فاحشتهم..!

الدولة المدنية:
الشواذ فئة من الشعب، يجب على الجميع احترامهم، وإعطاؤهم حقوقهم للممارسة رذيلتهم، بل وتمثيل أنفسهم في البرلمان..!

لكن في دين الفطرة #الإسلام:
فإن لوطا -عليه السلام- لم يكن قادراً على ردع قومه، فانتقل لإنكار رذيلتهم، ونصحهم باللسان، وكره بقلبه طباعهم! ثم غادر مكانهم بأمر رباني بعد تكرار دعوتهم بلا جدوى..!

حتى حلّت العقوبة الربانية في قوله تعالى: (فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّنْ سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ).

حقيقةً...
إن كلاً من ديموقراطية، وليبرالية، وعلمانية، وحداثية، ودولة مدنية... مزعومة، لتنازع الإسلام أصوله وفروعه وأخلاقه، ولا يجمعهن به أي رباط، كالتناقض بين الكفر والإيمان..!

زوجة لوط لم تشترك معهم في فاحشتهم بيد أنها كانت open minded تتقبّل اختلافهم وتُقرّهم عليه، فكان جزاءها قوله تعالى: ((فأنجيناه وأهله إلا امرأتهُ كانت من الغابرين)) 
درسٌ قاسٍ لكل من ادّعى المثالية والانفتاح في حدود الله.

{فذكر بالقرآن من يخاف وعيد }

سفانة بنت حاتم الطائي

لما جيء بسبايا بني طيئ إلى المدينة المنورة  وأدخل السبي على النبي
 (صلى الله عليه وآله وسلم)،  دخلت مع  السبايا سفانة بنت حاتم  الطائي  وكانت أمرأة عيطاء لعساء ، عيناء

 - و العيطاء : الطويلة المعتدلة بين النساء  ، 
واللعساء : جميلة الفم والشفتين ، و العيناء : واسعة العينين -
 فعجب الحاضرون من حسنها وجمالها ،فلما تكلمت  نسوا حسنها وجمالها ، وذلك لعذوبة منطقها !
فقالت :
يامحمد ..هلك الوالد ،وغاب الوافد ، فأن رأيت أن تخلي  عني ولا تشمت بي الأعداء من قبائل العرب ،فأني أبنةُ سيد قومه، وأن أبي كان يُحب مكارم الأخلاق،وكان يُطعم الجائع ،ويفكُ العاني ويكسو العاري ، وما أتاهُ طالب حاجة  إلا ورّدهُ  بها معززاً مكرّماً ..

فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
من والدك و من وافدك ؟ 
قالت: والدي حاتم بن عبدالله الطائي ، ووافدي أخي عدي  بن حاتم
 [وكان عدي قد فرّ الى الشام بعد هزيمة قبائل بني طي  أمام المسلمين في  السنة التاسعة من الهجرة  ،  ثم تنصّر هناك وإلتجأ إلى ملك الروم ، فقال  صلى الله عليه وسلم:
فأنت أبنة حاتم الطائي ؟
 قالت:بلى..
فقال صلى الله عليه وسلم :
يا سفانة ..هذه الصفات التي ذكرتيها إنما هي صفات المؤمنين ، ثم قال لأصحابه :  أطلقوها كرامة لأبيها  لأنه كان يحب مكارم الأخلاق!!
 فقالت:
أنا ومن معي من قومي من السبايا والأسرى ؟

:فقال صلى الله عليه وسلم:
أطلقوا من معها كرامة لها ولأبيها ، ثم قال صلى الله عليه وسلم :
[أرحموا ثلاثاً ، وحق لهم أن

 يُرحموا :
عزيزاً ذلّ من بعد عزّهِ،
وغنياً افتقر من بعد غناه ، وعالماً ضاع ما بين جُهّال ]

 فلما رأت  سفانة هذا الخلق الكريم الذي لايصدر إلا من قلبٍ كبير ينبض بالرحمة والمسؤولية ،
 قالت وهي مطمئنة : 
أشهد أن لاإله إلا الله.....وأشهد أن محمداً رسول الله،  وأسلم معها بقية السبي  من قومها ، وأعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ماغنمه المسلمون من بني طيئ  إلى سفانه،  ولما تجهزوا للرحيل  قالت سفانة : يارسول الله إن بقية رجالنا وأهلنا صعدوا إلى صياصي الجبال خوفاً من المسلمين  فهل ذهبت معنا  وأعطيتهم الأمان  حتى ينزلوا  ويسلموا على يديك فأنه الشرف ؟ فقال
(صلى الله عليه وآله وسلم):
سأبعث معكم رجلاً من أهل بيتي دعوته كدعوتي يحمل إليهم أماني ،فقالت من هو يارسول الله ؟
قال: علي بن أبي طالب..
ثم أمر النبي أن يجهزوا لها هودجاً مبّطناً  تجلس فيه معززة  مكرمة  وسيرها مع السبايا من قومها ومعهم علي رضي الله عنه  حتى وصلوا إلى منازل بني طي في ( جبل أجأ )
 ونادى الإمام علي  بأمان رسول الله بأعلى صوته حتى سمعه كل من في الجبل،فنزلت رجال طي وفرسانها جماعات وفرادى إلى الوادي فلما وقعت أبصارهم على نسائهم وأبنائهم وأموالهم  وقد عادت إليهم بكوا جميعا  وألتفوا حول الإمام  وهم يرددون الشهادتين ،فلم يمض ذلك اليوم إلا ودخلت كل قبيلة بني طي في الإسلام ، ثم بعثت سفانة الى أخيها عدي تخبره عن عفو رسول الله 
صلى الله عليه وسلم وكرمه وأخلاقه ،وحثـّتهُ على القدوم إلى المدينة المنورة ومقابلة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم
 والإعتذار منه والدخول في الإسلام ،فتجهز عدي من ساعته وقصد المدينة ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم
 وأسلم على يديه  الشريفتين  ،ثم عاد الى قومه معززاً مكرماًً وصار بعد ذلك من خيار المسلمين ..
هكذا نرى كيف أن هذا الخلق النبوي قد جعل من الناس العصاة بشر طائعين مسلمين .

كلاب ابن امية

كلاب ابن امية ...
  اعجبتني للغاية 
* كان لأمية الكناني ولد اسمه كلاب،
وكان شابا صالحا،
وحين سمع. أن الجهاد أفضل الأعمال في الإسلام وذروة سنامه ،
ذهب إلى
 عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،
 وقال له : أرسلني إلى الجهاد،
قال عمر : أحي والداك ؟
قال : نعم ، قال : فاستأذنهما ، فاستأذنهما وبعد إلحاح شديد، وافقا على مضض،
فقد كان وحيدهما
وكان شديد البر بهما ،
يؤنسهما ويساعدهما
في كل شؤونهما ،

ذهب كلاب إلى الجهاد ،
ومرت الأيام على الأبوين
بطيئة ثقيلة ،
وما لبِث أن اشتد الشوق بالوالد. فصار البكاء
رفيقه في ليله ونهاره ،

وذات يوم جلس أمية تحت شجرة ، فرأى حمامه تُطعم فراخها فجعل ينظر، 
وينشد :

* لمن شيخان قد نشدا كلابا ...
كتاب الله لو عقلا الكتابا
* تركت أباك مرعشة يداه ...
وأمك لا تسيغ لها شرابا
* طويلا شوقه يبكيك فردا ...
على حزن ولا يرجوا الإياب
* إذا هتفت حمامة التياعا ...
على بيضاتها ذكرا كلابا !! .

ثم اشتد حزن أمية على ولده كلاب ،
وطال بكاؤه حتى أصابه
ما أصاب يعقوب عليه السلام ، فابيضت عيناه من الحزن ،
وفقد بصره ، وصار
لا يفتر عن ذكر ولده،
ومن شدة ما في قلبه ..

أخذ يدعو على
عمر بن الخطاب رضي الله عنه،  !

ويقول شعراً :

* أعاذل قد عذلت بغير علم ...
وما تدرى أعاذل ما ألاقي
* إن الفاروق لم يردد كلابا ...
 على شيخين سامهما فراق
* سأستعدى على الفاروق رباً ...
له دفع الحجيج إلى بساق
* وادعو الله مجتهداً عليه ...
ببطن الأخشبين إلى زقاق.

فما كان من أحد أصحابه
إلا أخذ بيده حتى أقبل به
على حلقة عمر بن الخطاب وأجلسه فيها، وهو لا يدرى ،
ثم قال له صاحبه :
يا أبا كلاب ، 
قال: نعم،
قال: أنشدنا من أشعارك ،

 ولشدة تعلقه بولده ، فإن أول
ما تبادر إلى ذهنه :

* إن الفاروق لم يردد كلابا
على شيخين سامهما فراق
* سأستعدى على الفاروق ربا
له دفع الحجيج إلى بساق
* وادعوا الله مجتهدا عليه
ببطن الأخشبين إلى زقاق

فقال عمر رضي الله عنه  : 
من هذا ؟
قالوا : 
هذا أميه الكناني 

قال عمر :
 فما خبره ؟
 قالوا :
 أرسلت ولده إلى الثغور،
قال: ألم يأذن؟
قالوا : أذن على مضض.

فوجه عمر رضي الله عنه 
من فوره أن ابعثوا إلى 
كلاب ابن أمية الكناني
على وجه السرعة !،

فلما مثل كلاب بين يدي 
عمر رضي الله عنه، 
قال له : اجلس يا كلاب ،
فلما جلس
 قال له عمر :
ما بلغ من برك بأبيك يا كلاب؟
 قال : والله يا أمير المؤمنين،
ما أعلم شيئا يحبه أبي
إلا فعلته قبل أن يطلبه منى ،
ولا أعلم شيئا يبغضه أبي
إلا تركته قبل أن ينهاني عنه ،
 قال عمر رضي الله عنه : زدني ! ..
قال : يا أمير المؤمنين
والله إني لا آلوه جهدي براً وإحساناً،
قال عمر : زدني ! ،
قال كلاب : كنت إذا أردت
أن أحلب له آتى من الليل
إلى أغزر ناقة في الإبل
ثم أنيخها وأعقلها
حتى لا تتحرك طوال الليل ،
ثم استيقظ قبيل الفجر 
فاستخرج من البئر ماء بارداً، 
فاغسل ضرع الناقة
حتى يبرد اللبن ، !!
ثم احلبه وأعطيه أبى ليشرب ، !
 قال عمر : عجباً لك، !
كل هذا لأجل شربة لبن ، !

فقال عمر :
 فافعل لي كما كنت تفعل لأبيك، 
قال كلاب : ولكني أود الذهاب إلى
 أهلي يا أمير المؤمنين ،
قال عمر : عزمت عليك يا كلاب ، 
فمضى كلاب إلى الناقة 
فحلب وفعل كما كان يفعل لأبيه،
ثم أعطى الإناء
لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ،

قال عمر لمن حوله :
خذوا كلاب فادخلوه في
هذه الغرفة وأغلقوا عليه الباب !!

ثم أرسل عمر إلى
 الشيخ ليحضر ،
فاقبل يقاد لا يعلم ما يُراد به !،

فإذا شيخ واهن !،
قد عظم همه واشتد بكاؤه
وطال شوقه، 
يجر خطاه جراً، حتى وقف
 على رأس أمير المؤمنين ، 
فسأله الفاروق :
يا أمية  ماذا بقى من لذاتك
في الدنيا ؟!
قال : ما بقى لي من لذة
يا أمير المؤمنين ،
قال عمر : فما تشتهى؟
قال أمية : اشتهي الموت !!،
قال عمر :
أقسمت عليك يا أمية
إلا أخبرتني بأعظم
لذة تتمناها الآن !!
قال أمية :
أما وقد أقسمت علي ،
فإني أتمنى لو أن 
ولدى كلابا بين يدي الآن
 أضمه واشمه وأقبله قبل أن أموت،

قال عمر : فخذ هذا اللبن لتتقوى به،
قال أمية :
لا حاجة لي به يا أمير المؤمنين ،
قال عمر :
أقسمت عليك يا أمية إلا شربت من هذا اللبن، فلما أخذ الإناء وقربه من فمه،
 بكى بكاءً شديداً،
وقال : والله إني لأشم رائحة
يدي ولدى كلاب في هذا اللبن، 
فبكى عمر رضي الله عنه  
حتى جعل ينتفض من بكائه !!
ثم قال : 
افتحوا الباب !!
فاقبل الولد إلى أبيه !! 
فضمه أبوه ضمة شديدة طويلة، 
وجعل يقبله تارة، ويشمه تارة،
 وجعل عمر رضي الله عنه يبكي،
 ثم قال : إن كنت يا كلاب تريد الجنة ، فتحت قدمي هذا.

أسأل الله أن يرزقنا وإياكم ..
بر الوالدين في حياتهما وبعد مماتهما

الخميس، 15 أغسطس 2019

الخلطاء الاصدقاء

قال الفضيل بن عياض رحمه الله :

رأيت نفسي تأنس بخلطاء تسميهم أصدقاء ، فبحثت التجارب ، فإذا أكثرهم حُسّاد على النعم ،

لا يستـرون زلّة ،

ولا يعرفون لجليس حقا ،

ولا يواسون من مالهم صديقا ،

فتأمّلت الأمر ،

فإذا أكثرهم حسّاد على النعم ،

فإذا الحق - سبحانه - يغار على قلب المؤمن أن يجعل به شيئا يأنس به ، فهو يكدر الدنيا وأهلها ليكون أنسه به

فينبغي أن تعد الخلق كلهم معارف ،

ولا تظهر سرك لمخلوق منهم ،

ولا تعدّن فيهم من لا يصلح لشدة ،

بل عاملهم بالظاهر ،

ولا تخالطهم إلا حالة الضرورة ،

وبالتوقي لحظة ،

ثم انفر عنهم ، وأقبل على شأنك ، متوكلا على خالقك

فإنه لا يجلب الخير سواه ،

ولا يصرف السوء إلا إيّاه •••

  📘{ الآداب الشرعية 3| 582 }

الثلاثاء، 12 فبراير 2019

درواس بن حبيب

حكي أن الباديه قحطت أيام هشام فقدمت عليه العرب , فهابوا
أن يكلموه وكان فيهم درواس بن حبيب وهو أبن ستة عشر
سنه له ذوأبه وشملتان , فوقعت عليه عين هشام , فقال لحلجبه 
: ماشاء أحد أن يدخل عليًّ إلا دخل حتى الصبيان ؟ فوثب درواس 
حتى وقف بين يديه وقال : 
يا أمير المؤمنين إن للكلام نشراً وطياً وإنه لا يعرف مافي طيه إلا
بنشره فإن أذن لي أمير المؤمنين أن أنشره نشرته . فأعجبه وقال :
أنشره لله درك , فقال : يا أمير المؤمنين أنه أصابتنا سنونٌ ثلاث ,
سنةٌ أذابت الشحم وسنةٌ أكلت اللحم وسنةٌ دقًّت العظم , وفي أيديكم
فضول مال , فإن كانت لله ففرقوها على عباده ,وإن كانت لهم ,
فعلام تحبسونها عنهم ؟ وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم فإن الله
يجزي المتصدقين , فقال هشام : ماترك لما الصبي واحده من الثلاثه
عذراً فأمر للبوادي بمائة ألف دينار وله بمائة ألف درهم .

وفد الحجاز وفصاحة الغلام

دخلَ على الخليفةِِ الراشدِ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ – رضيَ اللهُ عنه- وفدٌ من وفد من الحجاز  ، وذلك كي يطلبوا قضاءَ بعضِ الحوائجِ التي لهم .  
أحسنَ الخليفةُ عمُر –رضيَ اللهُ عنه – استقبالَهم ، ثم طلبَ منهم أن يُفضُوا إليه بما يريدون ، وأن يتكلموا فيما جاؤوا من أجلِه  .
  ونظر عمرُ إلى الوفدِ لكي ينهضَ منهم رجلٌ يخطبُ بين يديْ الخليفةِ، ويذكرُ حاجاتِ قومِهِ.
 وقفَ من بينِ الوفدِ صبيٌّ لم يتجاوزِ الثانيةَ عشرةَ من عُمُرِه  يريدُ أن يتكلمَ ، فقال له عمرُ رضيَ اللهُ عنه:
-        ليتكلمْ من هو أكبُر منك يا فتى.
 فقال الصبيُّ ببلاغةٍ ولباقةٍ :
-         ليس الشأنُ بكِبَرِ السنِّ يا أميرَ المؤمنينَ..
فقال له عمرُ :
-        ففيمَ الشأنُ إذن؟
فقال الغلامُ :
-        إن قيمةَ المرءِ يا أميرَ المؤمنينَ لا تُقاسُ بعددِ سنواتِِِ عمرهِ ، بل المرءُ بأصغريْه : قلبِه ولسانِه .
 قال عمرُ معجباَ بفصاحةِ هذا الغلامِ ونباهتِهِ وجرأتِه:
-        ماذا تقصدُ أيهُّا الغلامُ ؟
قال الغلام :
-         قيمةُ المرءِ يا أميرَ المؤمنين بطهارةِ قلبِه، ونقاءِ سريرتهِ، وبما يحسنُ من القولِ ، ويصيبُ من الكلامِ ، ولو كان شأنُ الإنسانِ في كِبَرِ سنِّه لكان في مكانِك هذا من هو أسنُّ منك..
 أعجب عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ بالغلامِ ، فقال له:
-        أحسنتَُّ أيها الغلامُ، وما نطقتَ إلا بالصوابِ..
ثمّ أطال النظرَ فيه وقالَ:
-        تكلمْ أيُّها الغلامُ لنقضيَ حاجات قومك إنْ شاءَ اللهُ.
نهضَ الغلامُ، فتكلم بفصاحة ٍ وبلاغةٍ وحكمةٍ بَهَرَتِ الجميعَ، 
  فقال الصبي :
ماقدمنا عليك رغبةً منا ولا رهبةً منك , أما عدم الرغبه فقد
أمنا بك في منازلنا , وأما الرهبه فقد أمنا جورك بعدلك ,
فنحن وفد الشكر والسلام . فقال له عمر : عظني ياغلام ,
فقال : يا أمير المؤمنين إن أناساً غرهم حلم الله وثناء الناس
عليهم , فلا تكن ممن يغره حلم الله وثناء الناس فتزل قدمك 
,وتكون من الذين قال الله فيهم : (ولاتكونوا كالذين قالوا 
سمعنا وهم لا يسمعون ) . فنظر عمر وقال :

تعلم فليس المرء يولد عالماً .. وليس أخو علمٍ كمن هو جاهل
فإن كبير القوم لا علم عنده ... صغيرٌ إذا ألتفت عليه الحجافل