دخلَ على الخليفةِِ الراشدِ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ – رضيَ اللهُ عنه- وفدٌ من وفد من الحجاز ، وذلك كي يطلبوا قضاءَ بعضِ الحوائجِ التي لهم .
أحسنَ الخليفةُ عمُر –رضيَ اللهُ عنه – استقبالَهم ، ثم طلبَ منهم أن يُفضُوا إليه بما يريدون ، وأن يتكلموا فيما جاؤوا من أجلِه .
ونظر عمرُ إلى الوفدِ لكي ينهضَ منهم رجلٌ يخطبُ بين يديْ الخليفةِ، ويذكرُ حاجاتِ قومِهِ.
وقفَ من بينِ الوفدِ صبيٌّ لم يتجاوزِ الثانيةَ عشرةَ من عُمُرِه يريدُ أن يتكلمَ ، فقال له عمرُ رضيَ اللهُ عنه:
- ليتكلمْ من هو أكبُر منك يا فتى.
فقال الصبيُّ ببلاغةٍ ولباقةٍ :
- ليس الشأنُ بكِبَرِ السنِّ يا أميرَ المؤمنينَ..
فقال له عمرُ :
- ففيمَ الشأنُ إذن؟
فقال الغلامُ :
- إن قيمةَ المرءِ يا أميرَ المؤمنينَ لا تُقاسُ بعددِ سنواتِِِ عمرهِ ، بل المرءُ بأصغريْه : قلبِه ولسانِه .
قال عمرُ معجباَ بفصاحةِ هذا الغلامِ ونباهتِهِ وجرأتِه:
- ماذا تقصدُ أيهُّا الغلامُ ؟
قال الغلام :
- قيمةُ المرءِ يا أميرَ المؤمنين بطهارةِ قلبِه، ونقاءِ سريرتهِ، وبما يحسنُ من القولِ ، ويصيبُ من الكلامِ ، ولو كان شأنُ الإنسانِ في كِبَرِ سنِّه لكان في مكانِك هذا من هو أسنُّ منك..
أعجب عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ بالغلامِ ، فقال له:
- أحسنتَُّ أيها الغلامُ، وما نطقتَ إلا بالصوابِ..
ثمّ أطال النظرَ فيه وقالَ:
- تكلمْ أيُّها الغلامُ لنقضيَ حاجات قومك إنْ شاءَ اللهُ.
نهضَ الغلامُ، فتكلم بفصاحة ٍ وبلاغةٍ وحكمةٍ بَهَرَتِ الجميعَ،
فقال الصبي :
ماقدمنا عليك رغبةً منا ولا رهبةً منك , أما عدم الرغبه فقد
أمنا بك في منازلنا , وأما الرهبه فقد أمنا جورك بعدلك ,
فنحن وفد الشكر والسلام . فقال له عمر : عظني ياغلام ,
فقال : يا أمير المؤمنين إن أناساً غرهم حلم الله وثناء الناس
عليهم , فلا تكن ممن يغره حلم الله وثناء الناس فتزل قدمك
,وتكون من الذين قال الله فيهم : (ولاتكونوا كالذين قالوا
سمعنا وهم لا يسمعون ) . فنظر عمر وقال :
تعلم فليس المرء يولد عالماً .. وليس أخو علمٍ كمن هو جاهل
فإن كبير القوم لا علم عنده ... صغيرٌ إذا ألتفت عليه الحجافل
ماقدمنا عليك رغبةً منا ولا رهبةً منك , أما عدم الرغبه فقد
أمنا بك في منازلنا , وأما الرهبه فقد أمنا جورك بعدلك ,
فنحن وفد الشكر والسلام . فقال له عمر : عظني ياغلام ,
فقال : يا أمير المؤمنين إن أناساً غرهم حلم الله وثناء الناس
عليهم , فلا تكن ممن يغره حلم الله وثناء الناس فتزل قدمك
,وتكون من الذين قال الله فيهم : (ولاتكونوا كالذين قالوا
سمعنا وهم لا يسمعون ) . فنظر عمر وقال :
تعلم فليس المرء يولد عالماً .. وليس أخو علمٍ كمن هو جاهل
فإن كبير القوم لا علم عنده ... صغيرٌ إذا ألتفت عليه الحجافل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق