الخميس، 31 ديسمبر 2015

لغة القطط



جاء رجل إلى نبي الله سليمان فقال له يا نبي الله أريد أن تعلمني لغة، فقال له النبي سليمان لن تستطيع التحمل، ولكنه أصر على النبي سليمان، فقال له: تريد أن تتعلم أي لغة.. فقال لغة القطط فإنها كثيرة في حينا، فنفخ في أذنه، وفعلا تعلم لغة القطط، وذات يوم سمع قطتين تتحدثان، وقالت واحدة للأخرى ألديكم طعام فإنني سأموت جوعا؟ فقالت القطة لا، لا يوجد، ولكن في هذا البيت ديك وسيموت غدا وسنأكله، فقال والله لن أترككما تأكلان ديكي وسوف أبيعه، وفي الصباح الباكر باعه، فجاءت القطة وسألت الأخرى هل مات الديك، فقالت: لا فقد باعه صاحب البيت.. ولكن سوف يموت خروفهم وسوف نأكله، فسمعهم صاحب البيت وذهب وباع الخروف..فجاءت القطة الجائعة وسألت هل مات الخروف؟ فقالت لها قد باعه صاحب البيت، ولكن صاحب البيت سوف يموت وسيضعون طعاما للمعزين وسنأكل، فسمعهم صاحب البيت فصعق، فذهب يجري إلى نبي الله سليمان، وقال إن القطط تقول سوف أموت اليوم، فأرجوك يا نبي الله أن تفعل شيئا، فقال له: لقد فداك الله بالديك وبعته، وفداك بالخروف وبعته، أما الآن فأعد الوصية والكفن ـ فالحكمة من القصة أن لله ألطافا خفية ونحن البشر لا نفقهها، فالله يدفع عنا البلايا والرزايا فعلينا أن نسلم الأمر لله سبحانه. وجزاكم الله خير الجزاء.

الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

القصيدة العصماء لأمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله

القصيدة العصماء لأمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله

القصيدة العصماء لأمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين 

من أجمل وأعذب ما قيل عن الدنيا


جاء رجل إلى أمير المؤمنين علي 
بن أبي طالب رضي الله عنه وقال : يا إمام لقد اشتريت داراً وأرجو أن تكتب لي عقد شرائها بيدك ، فنظر علي رضي الله عنه إليه بعينِ الحكمة فوجد الدنيا قد تربَّعت على عرش قلبه وملكت عليه أقطار نفسه 
فكتب قائلاً يريد أن يُذِكّره بالدار الباقية ، كتب بعدما حمد الله وأثنى عليه

أما بعد :

فقد اشترى ميت من ميت داراً في بلد المذنبين وسكَّةِ الغافلين لها أربعة حدود ، الحدَّ الأول ينتهي إلى الموت والثاني ينتهي إلى القبر والثالث ينتهي إلى الحساب والرابع ينتهي إما إلى الجنة وإما إلى النار فبكى الرجل بكاءً مُراً وعلم أنَّ أمير المؤمنين أراد أن يكشف الحُجَبَ الكثيفة عن قلبه الغافل فقال : 
يا امير المؤمنين 
أُشهد الله أني قد تصدَّقت بداري على أبناء السبيل ، فقال له علي رضي الله عنه هذه القصيدة العصماء :


النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت 
              أنَّ السعادة فيها ترك ما فيــها 

لا دارٌ للمرءِ بعد الموت يسكُنها 
              إلا التي كانَ قبـل الموتِ بانيـها 

فإن بناها بخير طاب مسكنُه 
           وإن بناها بشر خـــــــاب بانيـــها 

أموالنا لذوي الميراث نجمعُها 
               ودورنا لخراب الدهـــر نبنـيــها 

أين الملوك التي كانت مسلطنةً 
          حتى سقاها بكأس الموت ساقيــها 

فكم مدائنٍ في الآفاق قد بنيت 
          أمست خرابا وأفنى الموتُ أهليـــها 

لا تركِنَنَّ إلى الدنيا وما فيها 
             فالموت لا شـــك يُفنينا ويُفنيــها 

لكل نفس وان كانت على وجلٍ 
               من المَنِيَّةِ آمــــــالٌ تقويـــــــها 

المرء يبسطها والدهر يقبضُها 
           والنفس تنشرها والموت يطويـــــها 

إنما المكارم أخلاقٌ مطهرةٌ 
              الدين أولها والعقـــــــل ثانيـــها 

والعلم ثالثها والحلم رابعها 
        والجود خامسها والفضل سادسها 

والبر سابعها والشكر ثامنها 
            والصبر تاسعها واللين باقيـــــها 

والنفس تعلم أنى لا أصادقها 
             ولست ارشدُ إلا حين اعصيــــها 

واعمل لدارٍ رضوانُ خازنها 
             والجار احمد والرحمن ناشيــها 

قصورها ذهب والمسك طينتها 
               والزعفران حشيشٌ نابتٌ فيــها 

أنهارها لبنٌ محضٌ ومن عسل 
         والخمر يجري رحيقاً في مجاريــها 

والطير تجري على الأغصان عاكفةً 
            تسبحُ الله جهراً في مغانيـــ ــــها 

من يشتري الدار في الفردوس يعمرها 
                بركعةٍ في ظلام 

قصة وقصيدة

قصة وقصيدة


استدعى بعض الخلفاء شعراء مصر، فصادفهم شاعر فقير بيده جرّة فارغة ذاهباً إلى البحر ليملأها ماء فرافقهم إلى أن وصلوا إلى دار الخلافة،
فبالغ الخليفة في إكرامهم والإنعام عليهم،
ولّما رأى الرجل والجرّة على كتفه ونظر إلى ثيابه الرّثة
قال: من أنت؟ وما حاجتك؟
فأنشد الرجل:
ولما رأيتُ القومَ شدوا رحالهم
إلى بحرِك الطَّامي أتيتُ بِجرتّي
فقال الخليفة :
املأوا له الجّرة ذهباً وفضّة.

فحسده بعض الحاضرين وقال :
هذا فقير مجنون لا يعرف قيمة هذا المال، وربّما أتلفه وضيّعه.
فقال الخليفة:
هو ماله يفعل به ما يشاء، فمُلئت له جرّته ذهباً، وخرج إلى الباب ففرّق المال لجميع الفقراء،
وبلغ الخليفة ذلك، فاستدعاه
وسأله على ذلك
فقال:
يجود علينا الخيّرون بمالهم *
ونحن بمال الخيّرين نجود*
فأعجب الخليفة بجوابه، وأمر أن تُملأ جرّتُه عشر مرّات،
وقال : الحسنة بعشر أمثالها
فأنشد الفقير هذه الأبيات الشعرية
التي يتم تداولها عبر مئات السنين :-
اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﻬﻢ ….
ﻭﺍﻟﻌﺴﺮ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ أﻭﻗﺎﺕ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕ
ﻭأﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺭى ﺭﺟﻞ ….
تقضى  على ﻳﺪﻩ ﻟﻠﻨﺎﺱ حاجات
ﻻ‌ ﺗﻘﻄﻌﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮوﻑ ﻋﻦ أﺣــﺪ ……
ﻣـﺎ ﺩﻣـﺖ ﺗـﻘﺪﺭ ﻭﺍلأ‌ﻳـﺎﻡ ﺗـــﺎﺭﺍﺕ
ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻠﻪ إﺫ ﺟﻌﻠﺖ ….
إﻟﻴﻚ ﻻ‌ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟـــﺎﺕ
ﻓﻤﺎﺕ ﻗﻮﻡ ﻭﻣﺎ ﻣــﺎﺗﺖ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ ….
ﻭﻋﺎﺵ ﻗﻮﻡ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ أموات
الناسُ للناسِ مادامَ الوفـاءُ بهـمْ *** والعسرُ واليسرُ أوقاتٌ وساعـاتُ
وأكرمُ الناس من بين الورى رجلٌ *** تُقضى على يده للنـاسِ غايـاتُ
لا تقطعنَّ يدَ المعروفِ عن أحـدٍ *** مادمـتَ تقـدرُ فالأيـامُ تـاراتُ
و اذكر فضيلةَ صُنعَ اللهِ إذ جُعِلتْ *** إليكَ، لا لك عندَ النـاسِ حاجـاتُ!
قد ماتَ قومٌ وما ماتتْ فضائلهُـمْ *** وعاشَ قومٌ وهم في الناسِ أمواتُ

الخبر المغرور

الخـبر المغـرور


ها قد حلَّ فصل الربيع، والأرضُ قد لبست بساطًا أخضرَ يسرُّ الناظرين، وكانت الشمس مشرقةً، والسماء صافية، والعصافير تُزَقزق، وها هي الطُّيور تَفِد من أقاصي البلاد، محلِّقةً في السماء، مكوِّنة أشكالاً هندسيَّة رائعة، وها هو الراعي ومِن حوله غُنَيماته وعَنْزاته، ترعى...

وبينما كان "المبتدأ" يتجوَّل رفقةَ صديقه "الخبر" في بَساتينَ وحدائِقَ غَنَّاء، ومزارع واسعةٍ حيث كانا يتبادلانِ أطراف الحديث الشَّائق، فجأةً توقَّف "الخبر"، ونظر إلى السماء، واستغرق نظره طويلاً، وحدَّثته نفسُه أنه يَمْلِك القوة والرِّفعة والعلو.

نظر "المبتدأ" إلى "الخبر"، وقال: ما بك يا خبَر؟ هل أصابك شيء لا قدَّر الله؟

"الخبر": ألا تدري أنَّني صاحبُ شأنٍ عظيم، وهِمَّة كبيرة، ومقامي رفيع؟!

ثم راح "الخبَرُ" ينظر إلى السَّماء، ويشرئبُّ بعنقه كأنَّه يتطلَّع إلى أمرٍ مهم.

"المبتدأ" سائلاً "الخبر": وما ذاك الشأن والهمَّة؟

"الخبر": ها ها ها -: أأنتَ ساذج وغبِي إلى هذه الدَّرجة؟!

"المبتدأ": لقد فهمت يا خبر ما تقصده...

قاطعه "الخبر" ثم قال: يَجِب أن تفهم يا مبتدأ أنَّني أكون مرفوعًا دائمًا، سواء كنت مفردًا أو جملة اسميَّة، أو جملة فعليَّة، أو شبه جملة، ولك هذه الأمثلة؛ لِتَفهم أكثر يا صديقي المغفَّل:

"الشَّمس مشرقة": خبَرٌ مرفوع.

"العصافير تزقزق": الخبر جملةٌ فعليَّة في محلِّ رفع.

"العصفور فوق الشجرة": الخبر شبه جملة في محلِّ رفع.

وراح "الخبر" يضحك، ويَسخر من "المبتدأ".

"المبتدأ": لا تغترَّ كثيرًا بنفسك، احمد الله على نِعَمِه وفضله أنْ جعلك مرفوعَ الرأس في كلِّ الأحوال، ولكن لِتَعلمْ يا خبر أنَّ النِّعمة تزول إذا لم تَشكُرها.

"الخبر" ضاحكًا: لن يستطيع أحدٌ أن يزيل هذه النِّعمة، وهذا الفضل، وسأبقى مرفوعَ الرأس، ولن ينخفض أبدًا، أفهمتَ يا هذا؟

"المبتدأ": ألَم تسمع بـ"كان" وأخواتِها؟

"الخبر" في استهزاء وسخرية: لا علم لي مَن تكون "كان" وأخواتها؟ ها ها ها!

"المبتدأ": إنَّ لها شأنًا عظيمًا، وفضلاً كبيرًا عليك، وتستطيع أن تغيِّر وظيفتك الإعرابيَّة.

"الخبر": ألَم أقل لك: إنك لا تفكِّر، وأنك ساذج، ليس لأحدٍ فضلٌ عليَّ.

وراح "الخبر" يسخر كعادته رافعًا رأسه، حتَّى كاد أن يسقط، وفجأةً توقَّف..

"المبتدأ": ما لك؟ ما أصابَك؟

كاد "الخبر" يسقط أرضًا، وكان العرَقُ يتصبَّب، لقد اصفرَّ وجهه، وارتعدَتْ فرائصه، كاد أن يُغشَى عليه، وبدأ يصرخ:
- يا للهول، يا للمصيبة! أنقِذْني يا مبتدأ أنقذني.

"المبتدأ": ما بك يا خبر؟ هل بك وجَع؟ سأحملك حالاً إلى الطبيب!

"الخبر" ما زال يصرخ، كان منظره يُثير الضحك والسُّخرية، ويدعو إلى الشفقة، لقد خارَتْ قُواه، لقد فقد توازُنَه.

"المبتدأ" لَم يصدِّق ما حدث للخبر، وراح يقول له: لا بأس عليك، لا بأس عليك، تَمالَكْ يا أخي تمالَك.

"الخبر": لا تتركني يا مبتدأ، دافِعْ عنِّي، لا تجعلني أضحوكة أمام...

لَم يستطع "الخبَرُ" أن يُتِمَّ حديثه.

وفي هذه اللَّحظات الحَرِجة والصَّعبة، ظهرَتْ "كان" وأخواتها، والغضبُ بادٍ عليهنَّ.

"كان": أنعمت مساءً يا مبتدأ.

"المبتدأ": أنعمتي مساء يا سيدتي كان، ومرحبًا بأخواتك الفُضْليات.

"كان": أنت دائمًا لطيف ومؤدَّب.

ثم تقدَّمت كان، وأخواتُها: (أصبح، ظلَّ، أمسى، بات، ما زال...) من الخبر.

كان "الخبَرُ" في حالةٍ سيِّئة للغاية؛ كيف سيُواجه هذا الموقف الصعب؟ ماذا سيقول لـ"كان" وأخواتها؟

"كان" تقترب أكثر من "الخبر" قائلةً له:
- لقد سمعت كلَّ ما دار بينك وبين المبتدأ، لقد أصابكَ الغرور وأنت تزهو بنفسك، وتسخر منَّا جميعًا، ألَم تعلم وظيفتي الإعرابيَّة؟

أراد "الخبَرُ" أن يبرِّر ما صدرَ منه، لكن "كان" لَم تمنح لهفرصةً للحديث، ثم قالت له:
- أنت من اليوم ستكون منصوبًا بالفتحة؛ سواء كنتَ مفرَدًا أو جملة فعليَّة، أو اسمية، أو شبْهَ جملة، وتكون مجرورًا بالكسرة نيابةً عن الفَتْحة، إذا كنتَ جمع مؤنثٍ سالِمًا؛ نحو: كانت المعلماتُ مجتمعاتٍ، أمَّا أنت يا مبتدأ فستكون اسمًا لنا، وتبقى مرفوعَ الرَّأس، ولك شأن ورِفْعة، وهِمَّة وعُلو.

"المبتدأ" في استحياءٍ: جزاكِ الله خيرًا يا سيِّدتي كان.

شعر "الخبَر" بالخزي والنَّدامة، وقرَّر أن يستقيم، وأن يسلك طريق الصَّالحين، وألا يغترَّ بنفسه، وأن يشكر النِّعمة؛ حتَّى لا تزول.

(انتهت القصة).

منوعات