الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

قصة وقصيدة

قصة وقصيدة


استدعى بعض الخلفاء شعراء مصر، فصادفهم شاعر فقير بيده جرّة فارغة ذاهباً إلى البحر ليملأها ماء فرافقهم إلى أن وصلوا إلى دار الخلافة،
فبالغ الخليفة في إكرامهم والإنعام عليهم،
ولّما رأى الرجل والجرّة على كتفه ونظر إلى ثيابه الرّثة
قال: من أنت؟ وما حاجتك؟
فأنشد الرجل:
ولما رأيتُ القومَ شدوا رحالهم
إلى بحرِك الطَّامي أتيتُ بِجرتّي
فقال الخليفة :
املأوا له الجّرة ذهباً وفضّة.

فحسده بعض الحاضرين وقال :
هذا فقير مجنون لا يعرف قيمة هذا المال، وربّما أتلفه وضيّعه.
فقال الخليفة:
هو ماله يفعل به ما يشاء، فمُلئت له جرّته ذهباً، وخرج إلى الباب ففرّق المال لجميع الفقراء،
وبلغ الخليفة ذلك، فاستدعاه
وسأله على ذلك
فقال:
يجود علينا الخيّرون بمالهم *
ونحن بمال الخيّرين نجود*
فأعجب الخليفة بجوابه، وأمر أن تُملأ جرّتُه عشر مرّات،
وقال : الحسنة بعشر أمثالها
فأنشد الفقير هذه الأبيات الشعرية
التي يتم تداولها عبر مئات السنين :-
اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﻬﻢ ….
ﻭﺍﻟﻌﺴﺮ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ أﻭﻗﺎﺕ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕ
ﻭأﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺭى ﺭﺟﻞ ….
تقضى  على ﻳﺪﻩ ﻟﻠﻨﺎﺱ حاجات
ﻻ‌ ﺗﻘﻄﻌﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮوﻑ ﻋﻦ أﺣــﺪ ……
ﻣـﺎ ﺩﻣـﺖ ﺗـﻘﺪﺭ ﻭﺍلأ‌ﻳـﺎﻡ ﺗـــﺎﺭﺍﺕ
ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻠﻪ إﺫ ﺟﻌﻠﺖ ….
إﻟﻴﻚ ﻻ‌ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟـــﺎﺕ
ﻓﻤﺎﺕ ﻗﻮﻡ ﻭﻣﺎ ﻣــﺎﺗﺖ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ ….
ﻭﻋﺎﺵ ﻗﻮﻡ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ أموات
الناسُ للناسِ مادامَ الوفـاءُ بهـمْ *** والعسرُ واليسرُ أوقاتٌ وساعـاتُ
وأكرمُ الناس من بين الورى رجلٌ *** تُقضى على يده للنـاسِ غايـاتُ
لا تقطعنَّ يدَ المعروفِ عن أحـدٍ *** مادمـتَ تقـدرُ فالأيـامُ تـاراتُ
و اذكر فضيلةَ صُنعَ اللهِ إذ جُعِلتْ *** إليكَ، لا لك عندَ النـاسِ حاجـاتُ!
قد ماتَ قومٌ وما ماتتْ فضائلهُـمْ *** وعاشَ قومٌ وهم في الناسِ أمواتُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق