(من الذي أغضب الكريم ///
يحكي الأصمعي فيقول:
إنه سار يوماً فوجد أعرابياً، فسأله الأعرابي:
من أين أنت يا أخ العرب؟
قال: من أصمع.
قال الأعرابي: ومن أين أتيت؟
قال: من المسجد.
قال: وما تصنعون بالمسجد؟
قال: نصلي، و نقرأ قرآن الله.
قال الأعرابي: إقرأ علي شيئاً منه.
فقرأ عليه سورة الذاريات ، فلما وصل إلى قوله تعالى:
( وفي السماء رزقكم و ما توعدون ) .
قال الأعرابي: حسبك، وقام وذبح ناقته، و تصدق بها يقينا منه بصدق الرزاق ثم انصرف.
يقول الأصمعي:
وبعد سنتين من لقائنا، خرجت مع الرشيد للحج، فلقيت ذلك الأعرابي، فجاءني، وقال: ألست الأصمعي؟
قلت: بلى.
قال: زدني مما قرأت علي المرة السابقة.
قال الأصمعي: فقرأت عليه بقية السورة..
( فورب السماء و الأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون .)
وهنا انتفض الأعرابي و صرخ بأعلى صوته وقال:
من أغضب الكريم حتى يحلف؟
من أغضب الكريم حتى يحلف؟
أما كان يكفيكم قوله: (و في السماء رزقكم و ما توعدون)؟
يقول الأصمعي:
فرددها ثلاثا، فوالله ما انتهى من الثالثة حتى فاضت روحه.
ما جعل الأعرابي يصعق من فوره؛ أن الناس جعلوا الرحمن يقسم ليصدقوا بأن رزقهم مضمون.
فكيف به لو عاش بيننا الآن و رأى الذين لا يصدقونه سبحانه حتى بعد أن أقسم!
فترى الواحد منهم يلهث وراء جمع المال حتى لو كان حراماً بدعوى أنه يريد أن يؤمن مستقبل أولاده .. جاعلاً الدنيا أكبر همه و مبلغ علمه ناسياً بأن مستقبل أولاده لن يؤمنه البيت ولا السيارة ولا الرصيد في البنك.. بل مستقبل الأبناء مرهون "بالعمل الصالح".
قال تعالى: ( و كان أبوهما صالحا )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق